في فنون العيث والفساد، لكن هذه الأنباء تعلمنا أن هاتيك الخزاية كانت موروثة له من أبيه الماجن المشيع للفحشاء في الذين آمنوا بحمل الخمور إلى حاضرته على القطار تارة، وعلى حماره أخرى، بملأ من الاشهاد، ونصب أعين المسلمين، وتوزيعها في الملأ الديني، وهو يحاول مع ذلك أن لا ينقده أحد، ولا ينقم عليه ناقم، وكم لهذه المحاولة من نظائر ينبو عنها العدد ولا تقف على حد، فهو وما ولد سواسية في الخمر والفحشاء، والمجون وهذه هي التي أسقطته عند صلحاء الأمة، وحطته عن أعينهم، فلا يرون له حرمة ولا كرامة، ولا يقيمون له وزنا، حتى إنه لما استخلف قام على المنبر فخطب الناس فذكر أبا بكر وعمر وعثمان ثم قال: وليت فأخذت حتى خالط لحمي ودمي، فهو خير مني، و أنا خير ممن بعدي. يا أيها الناس! إنما أنا لكم جنة، فقام عبادة بن صامت فقال: أرأيت إن احترقت الجنة؟ قال: إذن تخلص إليك النار، قال: من ذلك أفر، فأمر به فأخذ، فأضرط بمعاوية، ثم قال: علمت كيف كانت البيعتان حين دعينا إليهما؟ دعينا على أن نبايع على أن لا نزني ولا نسرق ولا نخاف في الله لومة لائم، فقلت: أما هذه فاعفني يا رسول الله، ومضيت أنا عليها، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنت يا معاوية أصغر في عيني من أن أخاف في الله عز وجل. (1) وذكر معاوية الفرار من الطاعون في خطبته فقال له عبادة: أمك هند أعلم منك (2) وسيوافيك قوله له: لا أساكنك بأرض، وقوله: لنحدثن بما سمعنا من رسول الله وإن رغم معاوية، ما أبالي أن لا أصحبه في جنده ليلة سوداء، وقال أبو الدرداء له: لا أساكنك بأرض أنت بها.
ومن جراء هذه المكافحة والكشف عن عورات الرجل كتب معاوية إلى عثمان بالمدينة: إن عبادة قد أفسد علي الشام وأهله، فإما أن تكفه إليك، وإما أن أخلي بينه وبين الشام. فكتب إليه عثمان: أن أرحل عبادة حتى ترجعه إلى داره من المدينة فبعث بعبادة حتى قدم المدينة، فدخل على عثمان في الدار وليس فيها إلا رجل من السابقين أو من التابعين الذين قد أدركوا القوم متوافرين فلم يفج عثمان به إلا وهو