أضف إلى هذه كثيرا من كتب التاريخ المؤلفة قديما وحديثا فإنها ألفت بيد أثيمة على ودايع العلم والدين، ولعل في المذكور في كتابنا هذا وهو قليل من كثير مقنعا للحصول على العلم بنفسيات الخليفة من شتى نواحيه، ومبلغه من العلم، ومقداره من التقوى، ومداه من الرأي، ومآثره من ناحية ملكاته، وقد عرف كل ذلك من عاصره وعاشره، فكانت كلمتهم في حقه واحدة، ورأيهم فيه فذا، وأعمالهم معه كل يشبه الآخر، ونحن نذكر لك نماذج مما لفظ به من قول وعمل به من فعل في ذلك الدور القاتم بالفجايع والفظايع فدونكها:
1 - حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه 1 - من كلام له عليه السلام في معنى قتل عثمان: لو أمرت به لكنت قاتلا، أو نهيت عنه لكنت ناصرا، غير أن من نصره لا يستطيع أن يقول: خذله من أنا خير منه، و من خذله لا يستطيع أن يقول: نصره من هو خير مني، وأنا جامع لكم أمره: استأثر فأساء الأثرة، وجزعتم فأسأتم الجزع، ولله حكم واقع في المستأثر والجازع (1) قال ابن أبي الحديد في الشرح 1: 158: قوله: غير أن من نصره. معناه إن خاذليه كانوا خيرا من ناصريه، لأن الذين نصروه كان أكثرهم فساقا كمروان بن الحكم وأضرابه، وخذله المهاجرون والأنصار.
2 - من كلام له عليه السلام قاله لابن عباس وقد جاءه برسالة من عثمان وهو محصور يسأله فيها الخروج إلى ماله بينبع فقال عليه السلام:
يا ابن عباس! ما يريد عثمان إلا أن يجعلني جملا ناضحا بالغرب (2) أقبل وأدبر بعث إلي أن أخرج ثم بعث إلي أن أقدم، ثم هو الآن يبعث إلي أن أخرج، والله لقد دفعت عنه حتى خشيت أن أكون آثما (3).
3 - أخرج البلاذري في الأنساب 5: 98 من طريق أبي حادة أنه سمع عليا رضي الله عنه يقول وهو يخطب فذكر عثمان فقال: والله الذي لا إله إلا هو ما قتلته، و