ولعن عبد الله بن الزبير فقال له طلحة: لا تضرب يا أبا الحسن! ولا تشتم ولا تلعن، ولو دفع مروان ما قتل، وهرب مروان وغيره من بني أمية وطلبوا ليقتلوا فلم يوجدوا، وقال علي لزوجته نائلة بنت الفرافصة: من قتله؟ وأنت كنت معه. فقالت: دخل إليه رجلان وقصت خبر محمد بن أبي بكر، فلم ينكر ما قالت، وقال: والله لقد دخلت وأنا أريد قتله فلما خاطبني بما قال خرجت ولا أعلم بتخلف الرجلين عني، ولله ما كان لي في قتله سبب، ولقد قتل وأنا لا أعلم بقتله.
وروى ابن الجوزي في التبصرة (1) من طريق ابن عمر قال: جاء علي إلى عثمان رضي الله عنهما يوم الدار وقد أغلق الباب ومعه الحسن بن علي وعليه سلاحه فقال للحسن: ادخل إلى أمير المؤمنين فاقرأه السلام وقل له: إنما جئت لنصرتك فمرني بأمرك. فدخل الحسن ثم خرج فقال لأبيه: إن أمير المؤمنين يقرئك السلام ويقول لك: لا حاجة لي بقتال وإهراق الدماء قال: فنزع علي عمامة سوداء ورمي بها بين يدي الباب وجعل ينادي: ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وإن الله لا يهدي كيد الخائنين.
وعن شداد بن أوس نزيل الشام والمتوفى بها عهد معاوية أنه قال: لما اشتد الحصار بعثمان رضي الله عنه يوم الدار رأيت عليا خارجا من منزله معتما بعمامة رسول الله متقلدا سيفه وأمامة ابنه الحسن والحسين وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم في نفر من المهاجرين والأنصار فحملوا على الناس وفرقوهم ثم دخلوا على عثمان فقال علي:
السلام عليك يا أمير المؤمنين! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يلحق هذا الأمر حتى ضرب بالمقبل المدبر، وإني والله لا أرى القوم إلا قاتلوك فمرنا فلنقاتل. فقال عثمان: انشد الله رجلا رأى لله عز وجل عليه حقا وأقر أن لي عليه حقا أن يهريق في سببي ملء محجمة من دم أو يهريق دمه في. فأعاد علي رضي الله عنه القول فأجاب عثمان بمثل ما أجاب، فرأيت عليا خارجا من الباب وهو يقول: اللهم إنك تعلم أنا قد بذلنا المجهود ثم دخل المسجد وحضرت الصلاة فقالوا له: يا أبا الحسن! تقدم فصل بالناس، فقال:
لا أصلي بكم والإمام محصور ولكن أصلي وحدي، فصلى وحده وانصرف إلى منزله