رجل فدخل عليه البيت فقال: اخلعها وندعك. فقال: ويحك والله ما كشفت امرأة في جاهلية ولا إسلام ولا تغنيت ولا تمنيت ولا وضعت يميني على عورتي مذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولست خالعا قميصا كسانيه الله عز وجل وأنا على مكاني حتى يكرم الله أهل السعادة ويهين أهل الشقاء. فخرج وقالوا: ما صنعت؟ فقال: علقنا والله، والله ما ينجينا من الناس إلا قتله وما يحل لنا قتله، فأدخلوا عليه رجلا من بني ليث فقال:
ممن الرجل؟ فقال: ليثي. فقال: لست بصاحبي قال: وكيف؟ فقال: ألست الذي دعا لك النبي صلى الله عليه وسلم في نفر أن تحفظوا يوم كذا وكذا؟ قال: بلى. قال: فلن تضيع.
فرجع وفارق القوم، فأدخلوا عليه رجلا من قريش فقال: يا عثمان! إني قاتلك. قال:
كلا يا فلان! لا تقتلني. قال: وكيف؟ قال: إن رسول الله استغفر لك يوم كذا وكذا فلن تقارف دما حراما، فاستغفر ورجع وفارق أصحابه، فأقبل عبد الله بن سلام حتى قام على باب الدار ينهاهم عن قتله، وقال: يا قوم! لا تسلوا سيف الله عليكم فوالله إن سللتموه ولا تغمدوه، ويلكم إن سلطانكم اليوم يقوم بالدرة فإن قتلتموه لا يقيم إلا بالسيف، ويلكم إن مدينتكم محفوفة بملائكة الله والله لئن قتلتموه لتتركنها، فقالوا:
يا ابن اليهودية! وما أنت وهذا؟ فرجع عنهم. قالوا: وكان آخر من دخل عليه ممن رجع إلى القوم محمد بن أبي أبكر فقال له عثمان: ويلك أعلى الله تغضب؟ هل لي إليك جرم إلا حقه أخذته منك فنكل ورجع. قالوا: فلما خرج محمد بن أبي بكر وعرفوا انكساره ثار قتيرة وسودان بن حمران السكونيان والغافقي فضربه الغافقي بحديدة معه وضرب المصحف برجله فاستدار المصحف فاستقر بين يديه وسالت عليه الدماء، وجاء سودان بن حمران ليضربه فانكبت عليه نائلة ابنة الفرافصة واتقت السيف بيدها فتعمدها ونفح أصابعها فأطن أصابع يدها وولت فغمز أوراكها، وقال: إنها لكبيرة العجيزة وضرب عثمان فقتله، ودخل غلمة لعثمان مع القوم لينصروه، وقد كان عثمان أعتق من كف منهم فلما رأوا سودان قد ضربه أهوى له بعضهم فضرب عنقه فقتله، ووثب قتيرة على الغلام فقتله، وانتهبوا ما في البيت وأخرجوا من فيه ثم أغلقوه على ثلاثة قتلى فلما خرجوا إلى الدار وثب غلام لعثمان آخر على قتيرة فقتله، ودار القوم فأخذوا ما وجدوا حتى تناولوا ما على النساء، وأخذ رجل ملاءة نائلة والرجل يدعى كلثوم