فخرج المسيرون من قراء أهل الكوفة فاجتمعوا بدمشق نزلوا مع عمرو بن زرارة فبرهم معاوية وأكرمهم، ثم إنه جرى بينه وبين الأشتر قول حتى تغالظا فحبسه معاوية فقام عمرو بن زرارة فقال: لئن حبسته لتجدن من يمنعه. فأمر بحبس عمرو فتكلم سائر القوم فقالوا: أحسن جوارنا يا معاوية! ثم سكتوا فقال معاوية: مالكم لا تكلمون فقال زيد بن صوحان: وما نصنع بالكلام؟ لئن كنا ظالمين فنحن نتوب إلى الله، وإن كنا مظلومين فإنا نسأل الله العافية. فقال معاوية: يا أبا عائشة! أنت رجل صدق. وأذن له في اللحاق بالكوفة، وكتب إلى سعد بن العاص: أما بعد: فإني قد أذنت لزيد بن صوحان في المسير إلى منزله بالكوفة لما رأيت من فضله وقصده وحسن هديه فأحسن جواره وكف الأذى عنه وأقبل إليه بوجهك وودك، فإنه قد أعطاني موثقا أن لا ترى منه مكروها. فشكر زيد معاوية وسأله عند وداعه إخراج من حبس ففعل.
وبلغ معاوية أن قوما من أهل دمشق يجالسون الأشتر وأصحابه فكتب إلى عثمان:
إنك بعثت إلي قوما أفسدوا مصرهم وأنغلوه، ولا آمن أن يفسدوا طاعة من قبلي و يعلموهم ما لا يحسنونه حتى تعود سلامتهم غائلة، واستقامتهم اعوجاجا.
فكتب إلى معاوية يأمره أن يسيرهم إلى حمص، ففعل وكان واليها عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بن المغيرة، ويقال: إن عثمان كتب في ردهم إلى الكوفة فضج منهم سعيد ثانية فكتب في تسييرهم إلى حمص فنزلوا الساحل.
الأنساب 5: 39 - 43.
صورة مفصلة إن عثمان أحدث أحداثا مشهورة نقمها الصحابة من تأمير بني أمية ولا سيما الفساق منهم وأرباب السفه وقلة الدين، وإخراج مال الفئ إليهم وما جرى في أمر عمار وأبي ذر وعبد الله بن مسعود وغير ذلك من الأمور التي جرت في أواخر خلافته، ثم اتفق أن الوليد بن عقبة لما كان عاملا على الكوفة وشهد عليه بشرب الخمر صرفه، وولى سعيد بن العاص مكانه فقدم سعيد الكوفة واستخلص من أهلها قوما يسمرون عنده فقال سعيد يوما: إن السواد بستان لقريش وبني أمية، فقال الأشتر النخغي: وتزعم إن السواد الذي أفاءه الله على المسلمين بأسيافنا بستان لك ولقومك؟ فقال صاحب شرطته: أترد على الأمير مقالته؟ وأغلظ له، فقال الأشتر لمن حوله من النخع وغيرهم - 2 -.