من الصحة بل لو كانوا واقفين عليها ولو على واحدة منها لما أجمعوا على تركها فيرويها متحروا الزوايا، ونباشة الدفاين، فيبرزوها إلى الملأ من تحت غبار الهجر، أو وراء نسج عناكب النسيان، فيرشدنا ذلك إلى أن مواليد هذه الروايات متأخر تاريخها عن عهد أرباب الصحاح وحسبها ذلك مهانة وضعة. كما أن ما في الصحاح من النزر اليسير ولائد متأخرة عن عهد النبي الأعظم صلى الله عليه وآله.
على أن الخليفة نفسه لو كان على ثقة من صدور شئ من تلكم الأحاديث ولو يسيرا منها من قائلها صلى الله عليه وآله لما كان يرى مثل أبي عبيدة الجراح حفار القبور أولى منه بالخلافة، ولما قدمه على نفسه، ولما ترك الاحتجاج بها يوم كانت حاجته إليه مسيسة، ويوم كان الحوار في أمر الخلافة قائما على قدم وساق، وطفق كل ذي فضل يدلي بحججه، وقد احتدم الجدال حتى كاد أن يكون جلادا، واستحر الحجاج حتى عاد لجاجا، لكن الرجل لم يكن عنده حجة ولا لزبانيته إلا أنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وثاني اثنين إذ هما في الغار، وأنه أكبر القوم سنا وكان أبوه أكبر منه لا محالة وقد اختارته الجماعة وانعقدت له البيعة بعد هوس وهياج ركونا إلى أمثال هذه مما لا تثبت بها حجة، ولا يخضع لها ذو مسكة، ولا يصلح بها شأن الأمة، ولا يجمع بها شمل.
ولا يتم بها الأمر.
نعم: روي عن أبي بكر أنه ذكر في الحجاج له أشياء حذفتها الرواة ولم يذكروا منها إلا أنه أول من أسلم. أو: أول من صلى. عن أبي سعيد الخدري قال: قال أبو بكر: ألست أحق الناس بها؟ ألست أول من أسلم؟ ألست صاحب كذا؟ ألست صاحب كذا؟ (1) وعن أبي نضرة قال: لما أبطأ الناس عن أبي بكر قال: من أحق بهذا الأمر مني؟
ألست أول من صلى؟ ألست؟ ألست؟ ألست؟ فذكر خصالا فعلها مع النبي صلى الله عليه وسلم (2)