عن أهل بيته، ولا إنهم منحوه عني من بعده فما راعني إلا انثيال الناس على أبي بكر، وإجفالهم إليه ليبايعوه، فأمسكت يدي ورأيت أني أحق بمقام محمد في الناس ممن تولى الأمر من بعده (1) بعد ما خرج علي كرم الله وجهه يحمل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله على دابة ليلا في مجالس الأنصار تسألهم النصرة، فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله! قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، ولو أن زوجك وابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به، فيقول علي كرم الله وجهه: أفكنت أدع رسول الله صلى الله عليه وآله في بيته لم أدفنه، وأخرج أنازع سلطانه؟
فقالت فاطمة: ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم (2).
بعد قوله عليه السلام: أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، ينحدر عني السيل، ولا يرقى إلي الطير، فسدلت دونها ثوبا، وطويت عنها كشحا، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء، أو أصبر على طخية عمياء، يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجى، أرى تراثي نهبا، حتى مضى الأول لسبيله فأدلى بها إلى ابن الخطاب بعده.
" ثم تمثل بقول الأعشى ".
شتان ما يومي على كورها * ويوم حيان أخي جابر فيا عجبا يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته، لشد ما تشطرا ضرعيها، فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها، ويخشن مسها، ويكثر العثار فيها والاعتذار منها، فصاحبها كراكب الصعبة، إن اشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحم، فمني الناس لعمر الله بخبط وشماس، وتلون واعتراض، فصبرت على طول المدة، وشدة المحنة حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أني أحدهم فيا لله وللشورى، متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر، لكني أسففت إذا سفوا، وطرت إذا طاروا، فصغا رجل منهم لضغنه، ومال الآخر لصهره مع هن وهن، إلى أن قام ثالث القوم نافجا