قبولها قد وقعت في السادسة من البعثة فأين كانت عائشة يوم ذاك؟ أشاهدت موقف أبيها وهي على ثدي أمها بنت سنة أو سنتين؟ لماذا لم يرو ذلك عن أبيها أو عن أمها أو عن أم جميل؟ لعل الرواية من ولائد القرون المتأخرة عنهم، ولدتها أم الفضائل بعد قضاء الدهر على حياة من خلقت لأجله.
2 - إن في لفظ الرواية: لما اجتمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا ثمانية و وثلاثين رجلا. فعلى هذا لم يكن أبو بكر يوم ذاك مسلما أخذا بقول النبي صلى الله عليه وآله صلت الملائكة علي وعلى علي سبع سنين لأنا كنا نصلي وليس معنا أحد يصلي غيرنا (1) وما مرت من الصحيحة عن أمير المؤمنين عليه السلام لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله قبل الناس بسبع سنين (2) وما أسلفنا من صحيحة الطبري: إن أبا بكر أسلم بعد أكثر من خمسين رجلا (3).
3 - في الرواية: ألح أبو بكر على رسول الله في الظهور فقال: يا أبا بكر! إنا قليل فلم يزل أبو بكر يلح حتى ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم. إلخ. يكذبه ما في السير من أن رسول الله صلى الله عليه وآله أظهر الدعوة قبل ذلك اليوم بثلاث سنين.
وروى ابن سعد وابن هشام والطبري وغيرهم: إن الله عز وجل أمر نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بعد مبعثه بثلاث سنين أن يصدع بما جاءه منه، وأن ينادي الناس بأمره ويدعو إليه فقال له: فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين (4) وكان قبل ذلك في السنين الثلاث من مبعثه إلى أن أمر بإظهار الدعوة إلى الله مستسرا مخفيا أمره صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه:
وأنذر عشيرتك الأقربين، واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين، فإن عصوك فقل إني برئ مما تعملون (سورة الشعراء 214 - 17) (5).