قال الأميني: هب أن البيت الأخير من صلب ما نظمه أبو طالب عليه السلام فإن أقصى ما فيه أن العار والسبة الذين كان أبو طالب عليه السلام يحذرهما خيفة، أن يسقط محله عند قريش فلا تتسنى له نصرة الرسول المبعوث صلى الله عليه وآله إنما منعاه عن الإبانة والإظهار لاعتناق الدين، وإعلان الإيمان بما جاء به النبي الأمين، وهو صريح قوله: لوجدتني سمحا بذاك مبينا، أي مظهرا، وأين هو عن اعتناق الدين في نفسه، والعمل بمقتضاه من النصرة والدفاع؟ ولو كان يريد به عدم الخضوع للدين لكان تهافتا بينا بينه وبين أبياته الأولى التي ينص فيها بأن دين محمد صلى الله عليه وآله من خير أديان البرية دينا، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم صادق في دعوته أمين على أمته.
ومن شعره قوله قد غضب لعثمان بن مظعون حين عذبته قريش ونالت منه:
أمن تذكر دهر غير مأمون * أصبحت مكتئبا تبكي كمحزون أم من تذكر أقوام ذوي سفه * يغشون بالظلم من يدعو إلى الدين؟!
ألا ترون أذل الله جمعكم * إنا غضبنا لعثمان بن مظعون؟
ونمنع الضيم من يبغي مضيمنا * بكل مطرد في الكف مسنون ومرهفات كأن الملح خالطها * يشفى بها الداء من هام المجانين حتى تقر رجال لا حلوم لها * بعد الصعوبة بالأسماح واللين أو تؤمنوا بكتاب منزل عجب * على نبي كموسى أو كذي النون (1) ومن شعره يمدح النبي الأعظم صلى الله عليه وآله قوله:
لقد أكرم الله النبي محمدا * فأكرم خلق الله في الناس أحمد وشق له من اسمه ليجله * فذو العرش محمود وهذا محمد أخرجه البخاري في تاريخه الصغير من طريق علي بن يزيد، وأبو نعيم في دلائل النبوة 1 ص 6، وابن عساكر في تاريخه 1: 275، وذكره له ابن أبي الحديد في شرحه 3: 315، وابن كثير في تاريخه 1 ص 266، وابن حجر في الإصابة 4: 115، القسطلاني في المواهب اللدنية 1: 518 نقلا عن تاريخ البخاري، والديار بكري في تاريخ الخميس 1 ص 254 فقال: أنشأ أبو طالب في مدح النبي أبياتا منها هذا البيت