السارق ويقتص من القاتل، ويحفظ الثغور، ويدحر الهرج في الأوساط، ويجمع الفئ ويقسم، إلى أمثال هذه مما هو شأن الملوك والأمراء في الأمم والأجيال، وتعرب عنه خطب أبي بكر وعمر لما استخلفا (1) واستخلاف عثمان ومعاوية وابنه الطاغي، وهلم جرا، وحديث عبد الله بن عمر وحميد بن عبد الرحمن كما يأتي بيانه.
وهم لا يوجبون في الخليفة قوة في النفس منبعثة عن نزاهة وقداسة وعصمة يتصرف بها صاحبها في الكائنات كيفما اقتضته المصلحة، ويبصر المغيب بعين بصيرته، أو بنور بصره الذي لا يقل عن أشعة (رنتجن) التي يبصر صاحبها الأمعاء من وراء الجلد الغليظ وتري ما في قبضة المسك بيده من ظهر اليد، وبلغت بها القوة حتى أخذت بها الصورة الشمسية من وراء سياج الصندوق الحديدي.
والذي يخبت في القوى النفسية إلى مثل التنويم المغناطيسي الصناعي أو استحضار الأرواح واستخدامها للجواب عن كل مسألة يريدها الانسان مما في وراء عالم الشهود بقوة نفسه كيف يسعه إنكار رد الأرواح إلى الأجسام بإذن ربها لدعاء ولي، أو مقدرة صديق موهوبة له من بارئ كيانه؟ وليس على الله بعزيز، هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون.
وكذلك من يشهد: إن الطائرات الجوية تطوي مئات من الفراسخ في آونة قصيرة، وكان يستدعي ذلك إشغال أشهر من الزمن يوم كانوا يطوونها على الظهور، أنى يسيغ له حجاه أن ينكر طي الأرض لمن يحمل بين جنبيه قوى مفاضة من المبدء الحق سبحانه؟ وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب (2).
ومثله: الذي يبصر المذياع وهو ينقل الأصوات من أبعد المسافات فيسمعها كأنه يتلو القرآن الكريم، أو يلقي خطابته، أو يسرد أخباره، أو يغني بأهازيجه إلى جنبه فهو لا يسعه إنكار ما يشابه ذلك في إمام حق مؤيد من عند الله، إن الله يسمع من يشاء وما أنت بسمع من في القبور (3).