ص 74: إنه أقام في قباء أربعة عشر ليلا، وحكى موسى بن عقبة اثنين وعشرين ليلة. وقال البخاري: بضع عشرة ليلة، وبقباء كانت منازل الأوس والخزرج.
ثم أخرجه الله من بين أظهرهم يوم الجمعة فأدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها في المسجد الذي في بطن الوادي وادي رانوناء، فكانت أول جمعة صلاها بالمدينة.
قال عبد الرحمن بن عويم: حدثني رجال من قومي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: لما سمعنا بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وتوكفنا (1) قدومه كنا نخرج إذا صلينا الصبح إلى ظاهر حرتنا ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوالله ما نبرح حتى تغلبنا الشمس على الظلال، فإذا لم نجد ظلا دخلنا، وذلك في أيام حارة.
فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وصلى الجمعة أتاه عتبان بن مالك وعباس بن عبادة بن نضلة في رجال من بني سالم بن عوف، فقالوا: يا رسول الله! أقم عندنا في العدد والعدة والمنعة. قال: خلوا سبيلها فإنها مأمورة - يعني ناقته - فخلوا سبيلها فانطلقت، حتى إذا وازنت دار بني بياضة تلقاه زياد بن لبيد وفروة ابن عمرو في رجال من بني بياضة فقالوا: يا رسول الله! هلم إلينا إلى العدد والعدة والمنعة. قال: خلوا سبيلها فإنها مأمورة. فخلوا سبيلها. فانطلقت حتى إذا مرت بدار بني ساعدة اعترضه سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو في رجال من بني ساعدة فقالوا: يا رسول الله هلم إلينا إلى العدد والعدة والمنعة. قال: خلوا سبيلها فإنها مأمورة. فخلوا سبيلها فانطلقت حتى إذا وازنت دار بني الحرث بن الخزرج اعترضه سعد بن الربيع وخارجة بن زيد وعبد الله بن رواحة في رجال من بني الحرث بن الخزرج فقالوا: يا رسول الله هلم إلينا إلى العدد والعدة والمنعة. قال: خلوا سبيلها فإنها مأمورة. فخلوا سبيلها فانطلقت، حتى إذا مرت بدار بني عدي بن النجار اعترضها سليط بن قيس، وأبو سليط أسيرة بن أبي خارجة في رجال من بني عدي فقالوا: يا رسول الله! هلم إلى أخوالك إلى العدد والعدة والمنعة. قال:
خلوا سبيلها فإنها مأمورة. فخلوا سبيلها فانطلقت حتى إذا أتت دار بني مالك بن النجار