الذكر. وكذا قال مجاهد وعطاء والضحاك والسدي ومقاتل وقتادة وابن مبارك.
وتدل على تعين هذا القول قراءة أبي بن كعب: الله سماكم المسلمين. كما في تفسير البيضاوي 2 ص 112، وكشاف الزمخشري 2 ص 286، وتفسير الرازي 6 ص 210، وتفسير ابن الجزي الكلبي 3 ص 47.
واستقربه الرازي في تفسيره فقال: لأنه تعالى قال: ليكون الرسول شهيدا عليكم ويكونوا شهداء على الناس. فبين أنه سماهم بذلك لهذا الغرض وهذا لا يليق إلا بالله.
واستصوبه ابن كثير في تفسيره 3 ص 236 وقال: لأنه تعالى قال: هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج. ثم حثهم وأغراهم على ما جاء به الرسول صلوات الله عليه بأنه ملة أبيهم الخليل، ثم ذكر منته تعالى على هذه الأمة بما نوه به من ذكرها والثناء عليه في سالف الدهر وقديم الزمان في كتب الأنبياء يتلى على الأحبار والرهبان فقال: هو سماكم المسلمين من قبل. أي من قبل هذا القرآن. وفي هذا.
وبهذا تعرف قيمة ما حسبه المتفلسف من أن تنزيل إبراهيم منزلة الأب للمسلمين لمحض التسمية فإنه مما لا يقام له وزن وإلا لوجب اتخاذ من سمى أحدا باسم أبا تنزيليا ومن المعلوم بطلانه، وإنما سماه الله أبا للمسلمين لأنه عليه السلام أب الرسول الأمين وإن قريشا من ذريته وهو صلى الله عليه وآله أبو الأمة وأمته في حكم أولاده وأزواجه أمهاتهم كما ورد عنه صلى الله عليه وآله من قوله: إنما أنا لكم كالوالد. أو: مثل الوالد (1).
أنا لا أدري ما هي الخاصة في الأب التنزيلي لأمة خاصة أن تكون له لحية في الجنة دون الأب الحقيقي للأمم جمعاء، وهو أبو البشر آدم عليه السلام، ولا لحية له؟
مع ما ورد عن كعب الأحبار أنه قال: ليس أحد في الجنة له لحية إلا آدم، له لحية سوداء إلى سرته. ذكره ابن كثير في تاريخه 1: 97.
وإن كانت الحكمة في لحية إبراهيم الخليل وأبي بكر ما زعمه العجلوني من الأبوة فما الحكمة في لحية موسى بن عمران؟ وقد جاء في الحديث ليس أحد يدخل الجنة إلا جرد مرد إلا موسى بن عمران فإن لحيته إلى سرته (السيرة الحلبية 1: 425)