رعيتها أهون من رعية الإبل والغنم؟ حاشا النبي الأعظم عن هذه الأوهام، فإنه صلى الله عليه وآله وصى واستخلف ونص على خليفته وبلغ أمته غير أنه عهد إلى وصيه من بعده: إن الأمة ستغدر به بعده كما ورد في الصحيح (1) وقال له أيضا: أما إنك ستلقى بعدي جهدا، قال (علي): في سلامة من ديني؟ قال: في سلامة من دينك (2) و قال لعلي: ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها إلا من بعدي (3) وقال له: يا علي إنك ستبتلى بعدي فلا تقاتلن. " كنوز الدقائق للمناوي ص 188 "، ثم إن الخليفة النادم لماذا تمنى التسلل عن الأمر يوم السقيفة؟ وقذفه في عنق أحد الرجلين: أبي عبيدة أو عمر؟ أكان ندمه عن حق وقع؟ فالحق لا ندم فيه. و إن كان عن باطل سبق؟ فهو يهدم أساس الخلافة الراشدة.
ثم الذي وده من قذفه إلى عنق أحد الرجلين فإنا لا نعرف وجها لتخصيصهما بالقذف وفي الصحابة أعاظم وذو وفضائل لا يبلغ الرجلان شأو أي منهم، وهذان بالنظر إلى ما عرفناه من أحوال الصحابة إن لم نقل إنهما من ساقتهم، فإنا نقول بكل صراحة إنهما لم يكونا من الأعالي منهم وفيهم من فيهم، وقبل جميعهم سيدنا أمير المؤمنين عليه السلام صاحب السوابق والمناقب والصهر والقرابة والغناء والعناء، وصاحب يوم الغدير، والأيام المشهودة، والمواقف المشهورة، نفس النبي الأعظم بنص من الكتاب العزيز (4) المطهر من كل رجس بآية التطهير (5).
فهلا ود أن يقذفه إليه؟ فيسير بالأمة سيرا سجحا، ويحملهم على المحجة البيضاء، ويأخذ بهم الطريق المستقيم، ويجدونه هاديا مهديا، يدخلهم الجنة. كما أخبر بهذه كلها النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وقد مر شطر منها في الجزء الأول صفحه 12، 13 ط 2.