فأشرق ضوء الصبح وهو جبينها * وفاحت أزاهير الربا وهي رياها إذا ما اجتنت من وجهها العين روضة * أسالت خلال الروض بالدمع أمواها وإني لأستسقي السحاب لربعها * وإن لم تكن إلا ضلوعي مأواها إذا استعرت نار الأسى بين أضلعي * نضحت على حر الحشا برد ذكراها وما بي أن يصلى الفؤاد بحرها * ويضرم لولا أن في القلب سكناها كان القاضي الجليس كبير الأنف وكان الخطيب أبو القاسم هبة الله بن البدر المعروف بابن الصياد مولعا بأنفه وهجائه وذكر أنفه في أكثر من ألف مقطوع فانتصر له أبو الفتح ابن قادوس [المترجم في هذا الجزء ص 338] فقال:
يا من يعيب أنوفنا الشم التي ليست تعاب الأنف خلقة ربنا * وقرونك الشم اكتساب وله شعر في رثاء والده وقد غرق في البحر بريح عاصف. ا ه.
والمترجم هو الذي قرظ أبا محمد بن الزبير الحسن بن علي المصري المتوفى سنة 561 عند الملك الصالح حتى قدمه، فلما مات شمت به ابن الزبير ولبس في جنازته ثيابا مذهبة، فنقص عند الناس بهذا السبب واستقبحوا فعله، ولم يعش بعد الجليس إلا شهرا واحدا (1).
كان الملك الصالح طلايع لا يزال يحضر في ليالي الجمع جلساؤه وبعض أمراءه لسماع قراءة صحيح مسلم والبخاري وأمثالهما من كتب الحديث وكان الذي يقرأ رجلا أبخر فلعهدي وقد حضر المجلس مع الأمير علي بن الزبير والقاضي الجليس أبي محمد وقد أمال وجهه إلى القاضي ابن الزبير وقال له:
وأبخر قلت: لا تجلس بجنبي فقال ابن الزبير:
إذا قابلت بالليل البخاري فقال القاضي الجليس:
فقلت وقد سألت بلا احتشام * لأنك دائما من فيك خاري أنشد بعض جلساء الملك الصالح بمجلسه بيتا من الأوزان التي يسميها المصريون