مدرس الحنفية أبا سعد السرخسي، وأحرقوا الخان ودور الفقهاء، وتعدت الفتنة إلى الجانب الشرقي فاقتتل أهل باب الطاق وسوق بج والأساكفة وغيرهم، ولما انتهى خبر إحراق المشهد إلى نور الدولة دبيس بن مزيد عظم عليه واشتد وبلغ منه كل مبلغ لأنه وأهل بيته وسائر أعماله من النيل وتلك الولاية كلهم شيعة فقطعت في أعماله خطبة الإمام القائم بأمر الله فروسل في ذلك وعوتب فاعتذر بأن أهل ولايته شيعة واتفقوا على ذلك فلم يمكنه أن يشق عليهم كما أن الخليفة لم يمكنه كف السفهاء الذين فعلوا بالمشهد ما فعلوا وأعاد الخطبة إلى حالها.
وزاد ابن الجوزي في المنتظم 8: 150: ظهر عيار الطقطقي من أهل درزيجان وحضر الديوان واستتيب وجرى منه في معاملة أهل الكرخ وتتبعهم في المحال و قتلهم على الاتصال ما عظمت فيه البلوى، وأجتمع أهل الكرخ وقت الظهيرة فهدمت حائط باب القلائين ورموا العذرة على حائطه وقطع الطقطقي رجلين وصلبهما على هذا الباب بعد أن قتل ثلاثة من قبل وقطع رؤوسهم ورمى بها إلى أهل الكرخ وقال: تغدوا برؤس. ومضى إلى درب الزعفراني فطالب أهل بمائة ألف دينار وتوعدهم إن لم يفعلوا بالإحراق فلاطفوه فانصرف، ووافاهم من الغد فقاتلوه فقتل منهم رجل هاشمي فحمل إلى مقابر قريش.
واستنفر البلد ونقب مشهد باب التين ونهب ما فيه وأخرج جماعة من القبور فأحرقوا مثل العوني (1) والناشي (2) والجذوعي، ونقل من المكان جماعة موتى فدفنوا في مقابر شتى وطرح النار في الترب القديمة والحديثة، واحترق الضريحان والقبتان الساج، وحفروا أحد الضريحين ليخرجوا من فيه ويدفنونه بقبر أحمد، فبادر النقيب والناس فمنعوهم. إلخ.
وذكر القصة على الاختصار ابن العماد في شذرات الذهب 3: 270، وابن كثير في تاريخه 12: 62.