ليت شعري من ذا الذي أخبر الرازي: إن ذلك تساهل من هؤلاء الأئمة لا تحقيق؟ وهل يطرد عنده قوله في كل ما نقل عنهم من المعاني اللغوية؟ أو إن له مع لفظ المولى حسابا آخر؟ وهل على اللغوي إذا أثبت معنى إلا الاستشهاد ببيت للعرب؟ أو آية من القرآن الكريم؟ وقد فعلوه.
وكيف تخذ عدم ذكر الخليل وأضرابه حجة على التسامح؟ بعد بيان نقله عن أئمة اللغة. وليس من شرط اللغة أن يكون المعنى مذكورا في جميع الكتب، وهل الرازي يقتصر فيها على كتاب العين وأضرابه؟
ومن ذا الذي شرط في نقل اللغة عنعنة الاسناد؟ وهل هو إلا ركون إلى بيت شعر؟ أو آية كريمة؟ أو سنة ثابتة؟ أو استعمال مسموع؟ وهل يجد الرازي خيرا من هؤلاء لتلقي هاتيك كلها؟ وما باله لا يقول مثل قوله هنا إذا جاءه أحد من القوم بمعنى من المعاني العربية؟ أقول: لأن له في المقام مرمى لا يعدوه.
وهل يشترط الرجل في ثبوت المعنى اللغوي وجوده في المعاجم اللغوية فحسب؟
بحيث لا يقيم له وزنا إذا ذكر في تفسير آية، أو معنى حديث، أو حل بيت من الشعر، ونحن نرى العلماء يعتمدون في اللغة على قول أي ضليع في العربية حتى الجارية الأعرابية (1) ولا يشترط عند الأكثر بشئ من الإيمان والعدالة والبلوغ، فهذا القسطلاني يقول في شرح البخاري 7 ص 75: قول الشافعي نفسه حجة في اللغة. وقال السيوطي في المزهر 1 ص 77: حكم نقل واحد من أهل اللغة القبول. وحكى في ص 83 عن الأنباري قبول نقل العدل الواحد ولا يشترط أن يوافقه غيره في النقل. وفي ص 87 بقول شيخ أو عربي يثبت اللغة. وحكى في ص 27 عن الخصايص لابن جني قوله: من قال: إن اللغة لا تعرف إلا نقلا فقد أخطأ فإنها قد تعلم بالقرائن أيضا، فإن الرجل إذا سمع قول الشاعر:
قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم * طاروا إليه زرافات ووحدانا يعلم أن الزرافات بمعنى الجماعات. وذكر أيضا ثبوت اللغة بالقرينة وبقول شاعر عربي. فهذه المصادر كلها موجودة في لفظ المولى غير أن الرازي لا يعلم أن اللغة بماذا