بما يشبه التهديد إن لم يبلغ حبسه هنالك، فيكون صلى الله عليه وآله قد عقد هذا المحتفل والناس قد أنهكهم وعثاء السفر، وحر الهجير، وحراجة الموقف حتى أن أحدهم ليضع ردائه تحت قدميه، فيرقي هنالك منبر الأهداج، ويعلمهم عن الله تعالى أن نفسه نعيت إليه، وهو مهتم بتبليغ أمر يخاف فوات وقته بانتهاء أيامه، وأن له الأهمية الكبرى في الدين والدنيا فيخبرهم عن ربه بأمور ليس للإشادة بها أي قيمة وهي: أن من كان هو صلى الله عليه وآله مصطحبا أو جارا أو مصاهرا له أو نزيلا عنده أو قريبا منه بأي المعنيين فعلي كذلك. لاها الله لا نحتمل هذا في أحد من أهل الحلوم الخائرة، والعقليات الضعيفة، فضلا عن العقل الأول، والانسان الكامل نبي الحكمة، وخطيب البلاغة، فمن الإفك الشائن أن يعزى إلى نبي الاسلام إرادة شئ منها، وعلى تقدير إرادة شئ منها فأي فضيلة فيها لأمير المؤمنين عليه السلام حتى يبخبخ ويهنأ بها، ويفضلها سعد ابن أبي وقاص في حديثه (1) على حمر النعم لو كانت، أو تكون أحب إليه من الدنيا وما فيها، عمر فيها مثل عمر نوح.
وأما المنعم: فلا ملازمة في أن يكون كل من أنعم عليه رسول الله صلى الله عليه وآله يكون أمير المؤمنين عليه السلام منعما عليه أيضا بل من الضروري خلافه، إلا أن يراد أن من كان النبي صلى الله عليه وآله منعما عليه بالدين والهدى والتهذيب و الارشاد والعزة في الدنيا والنجاة في الآخرة فعلي عليه السلام منعم عليه بذلك كله لأنه القائم مقامه، والصادع عنه، وحافظ شرعه، ومبلغ دينه، ولذلك أكمل الله به الدين، وأتم النعمة بذلك الهتاف المبين، فهو حينئذ لا يبارح معنى الإمامة الذي نتحراه، ويساوق المعاني التي نحاول إثباتها فحسب.
وأما العقيد: فلا بد أن يراد به المعاقدة والمعاهدة مع بعض القبايل للمهادنة أو النصرة فلا معنى لكون أمير المؤمنين عليه السلام كذلك إلا أنه تبع له في كل أفعاله وتروكه، فيساوقه حينئذ المسلمون أجمع، ولا معنى لتخصيصه بالذكر مع ذلك الاهتمام الموصوف، إلا أن يراد أن لعلي عليه السلام دخلا في تلك المعاهدات التي عقدها رسول الله صلى الله عليه وآله لتنظيم السلطنة الإسلامية، وكلائة الدولة عن الملاشات