اللفظ اللغوية لما صح لهم تفسيره، وأما قول البيضاوي بعد أن ذكر معنى الأولى:
وحقيقته محراكم أي مكانكم الذي يقال فيه: هو أولى بكم كقولك: هو مئنة الكرم أي مكان قول القائل: إنه الكريم. أو: مكانكم عما قريب، من الولي وهو القرب. أو ناصركم على طريقة قوله: تحية بينهم ضرب وجيع. أو متوليكم يتولاكم كما توليتم موجباتها في الدنيا. ا ه.
فإنه لا يعني به الحقيقة اللغوية التي نص بها أولا وإنما يريد الحاصل من المعنى، ويشعر إلى ذلك تقديم قوله: هي أولى بكم. واستشهاده ببيت لبيد الذي لم يحتمل فيه غير هذا المعنى. وقوله أخيرا: مكانكم الذي يقال فيه. إلخ. وإنه أخذ في تقريب بقية المعاني بأنحاء من العناية يناسب كل منها واحدا منهن إلا معنى - الأولى - فإنه لم يقربه من الوجهة اللغوية، بل أثبته بتقديمه والاستشهاد بالشعر، وإنما طفق يقربه من وجهة القصد والإرادة. ويقرب منه ما في تفسير النسفي.
وقال الخازن: هي مولاكم أي وليكم. وقيل: أولى بكم لما أسلفتم من الذنوب.
والمعنى هي التي تلي عليكم لأنها ملكت أمركم وأسلمتم إليها، فهي أولى بكم من كل شئ، وقيل: معنى الآية: لا مولى لكم ولا ناصر، لأن من كانت النار مولاه فلا مولى له. ا ه.
أما تفسيره بالولي فلا منافاة فيه لما نرتأيه لما ثبت من مساوقة الولي مع المولى في جملة من المعاني، ومنها: الأولى بالأمر، وسيوافيك إيضاح ذلك إنشاء الله، فيكون القولان محض تغاير في التعبير لا تباينا في الحقيقة. وما استرسل بعد ذلك من البيان فهو تقريب لإرادة المعنى كما أسلفناه. والقول الثالث هو ذكر لازم المعنى سواء كان هو الولي أو الأولى، فلا معاندة بينه وبين ما تقدمه من تفسير اللفظ. وهناك آيات أخرى استعمل فيها المولى أيضا بمعنى الأولى بالأمر منها:
قوله تعالى في سورة البقرة: أنت مولانا. قال الثعلبي في [الكشف والبيان] أي ناصرنا وحافظنا وولينا وأولى بنا.
وقوله تعالى في سورة آل عمران: بل الله مولاكم. قال أحمد بن الحسن الزاهد الدرواجكي في تفسيره المشهور بالزاهدي: أي الله أولى بأن يطاع.