بأنه أصبح متلفعا به يوم ذاك؟ أهو معنى النصرة أو المحبة اللتين لم يزل أمير المؤمنين عليه السلام متصفا بهما منذ رضع ثدي الإيمان مع صنوه المصطفى صلى الله عليه وآله؟
أم غيرهما مما لا يمكن أن يراد في خصوص المقام؟ لاها الله لا ذلك ولا هذا، وإنما أرادا معنى فهمه كل الحضور من أنه أولى بهما وبالمسلمين أجمع من أنفسهم وعلى ذلك بايعاه وهنئاه.
ومن أولئك: الحارث بن النعمان الفهري (أو: جابر) المنتقم منه بعاجل العقوبة يوم جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول: يا محمد؟ أمرتنا بالشهادتين و الصلاة والزكاة والحج ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه. وقد سبق حديثه ص 239 - 247 فهل المعنى الملازم للتفضيل الذي استعظمه هذا الكافر الحاسد، وطفق يشكك أنه من الله أم أنه محاباة من الرسول، يمكن أن يراد به أحد ذينك المعنيين أو غيرهما؟ أحسب أن ضميرك الحر لا يستبيح لك ذلك، ويقول لك بكل صراحة: إنه هو تلك الولاية المطلقة التي لم يؤمن بها طواغيت قريش في رسول الله صلى الله عليه وآله إلا بعد قهر من آيات باهرة، وبراهين دامغة، وحروب طاحنة، حتى جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا. فكانت هي في أمير المؤمنين أثقل عليهم وأعظم، وقد جاهر بما أضمره غيره الحارث بن النعمان فأخذه الله أخذ عزيز مقتدر.
ومن أولئك: النفر الذين وافوا أمير المؤمنين عليه السلام في رحبة الكوفة قائلين: السلام عليك يا مولانا. فاستوضح الإمام عليه السلام الحالة لإيقاف السامعين على المعنى الصحيح وقال: كيف أكون مولاكم وأنتم رهط من العرب؟ فأجابوه إنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه (1) عرف القارئ الكريم أن المولوية المستعظمة عند العرب الذين لم يكونوا يتنازلون بالخضوع لكل أحد ليست هي المحبة والنصرة ولا شئ من معاني الكلمة و إنما هي الرياسة الكبرى التي كانوا يستصعبون حمل نيرها إلا بموجب يخضعهم لها و هي التي استوضحها أمير المؤمنين عليه السلام للملأ باستفهام فكان من جواب القوم: أنهم