مفاد حديث الغدير لعل إلى هنا لم يبق مسلك للشك في صدور الحديث عن المصدر النبوي المقدس وأما دلالته على إمامة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، فإنا مهما شككنا في شئ فلا نشك في أن لفظة المولى سواء كانت نصا في المعنى الذي نحاوله بالوضع اللغوي أو مجملة في مفادها لاشتراكها بين معان جمة، وسواء كانت عرية عن القرائن لإثبات ما ندعيه من معنى الإمامة أو محتفة بها، فإنها في المقام لا تدل إلا على ذلك لفهم من وعاه من الحضور في ذلك المحتشد العظيم، ومن بلغه النبأ بعد حين ممن يحتج بقوله في اللغة من غير نكير بينهم، وتتابع هذا الفهم فيمن بعدهم من الشعراء ورجالات الأدب حتى عصرنا الحاضر، وذلك حجة قاطعة في المعنى المراد، وفي الطليعة من هؤلاء مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، حيث كتب إلى معاوية في جواب كتاب له من أبيات ستسمعها ما نصه.
وأوجب لي ولايته عليكم * رسول الله يوم غدير خم ومنهم: حسان بن ثابت الحاضر مشهد الغدير وقد استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينظم الحديث في أبيات منها قوله:
فقال له: قم يا علي؟ فإنني * رضيتك من بعدي إماما وهاديا ومن أولئك: الصحابي العظيم قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري الذي يقول:
وعلي إمامنا وإمام * لسوانا أتى به التنزيل يوم قال النبي: من كنت مولا * - ه فهذا مولاه خطب جليل ومن القوم: محمد بن عبد الله الحميري القائل:
تناسوا نصبه في يوم خم * من البادي ومن خير الأنام - ومنهم: عمرو بن العاصي الصحابي القائل: