وذلك انهم لما عجزوا عن إقامة الاحكام على ما أنزل في كتاب الله تعالى وعدلوا عن أخذها ممن فرض الله سبحانه طاعتهم على عباده ممن لا يزل ولا يخطئ ولا ينسى الذين انزل الله كتابه عليهم وأمر الأمة برد ما اشتبه عليهم من الاحكام إليهم وطلبوا الرياسة رغبة في حطام الدنيا وركبوا طريق اسلافهم ممن ادعى منزلة أولياء الله لزمهم العجز فادعوا ان الرأي والقياس واجب فبان لذوي العقول عجزهم والحادهم في دين الله وذلك أن العقل على مجرده وانفراده لا يوجب ولا يفصل بين أخذ الشئ بغصب ونهب وبين أخذه بسرقة وان كانا مشتبهين فالواحد يوجب القطع والاخر لا يوجبه.
ويدل أيضا على فساد ما احتجوا به من رد الشئ في الحكم إلى أشباهه ونظائره انا نجد الزناء من المحصن والبكر سواء وأحدهما يوجب الرجم والاخر يوجب الجلد فعلمنا أن الاحكام مأخذها من السمع والنطق بالنص على حسب ما يرد به التوقيف دون اعتبار النظائر والأعيان وهذه دلالة واضحة على فساد قولهم ولو كان الحكم في الدين بالقياس لكان باطن القدمين أولى بالمسح من ظاهرهما قال الله تعالى حكاية عن إبليس في قوله بالقياس خلقتني من نار وخلقته من طين فذمه الله لما لم يدر ما بينهما وقد ذم رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام القياس يرث ذلك بعضهم عن بعض ويرويه عنهم أوليائهم.
قال واما الرد من قال بالاجتهاد فأنهم يزعمون أن كل مجتهد مصيب على أنهم لا يقولون انهم مع اجتهادهم أصابوا معنى حقيقة الحق عند الله عز وجل لأنهم في حال اجتهادهم ينتقلون عن اجتهاد إلى اجتهاد واحتجاجهم ان الحكم به قاطع قول باطل منقطع منتقض فأي دليل أدل من هذا على ضعف اعتقاد من قال بالاجتهاد والرأي إذا كان امرهم يؤل إلى ما وصفناه وزعموا انه محال ان يجتهدوا فيذهب الحق من جملتهم وقولهم بذلك فاسد لأنهم ان اجتهدوا فاختلفوا فالتقصير واقع بهم وأعجب من هذا انهم يقولون مع قولهم بالرأي والاجتهاد ان الله تعالى بهذا المذهب لم يكلفهم الا بما يطيقونه وكذلك النبي صلى الله عليه وآله واحتجوا بقول الله تعالى