قال المفيد: ثم ثقل صلى الله عليه وآله وحضره الموت وأمير المؤمنين عليه السلا م حاضر عنده، فلما قرب خروج نفسه، قال له: ضع يا علي رأسي في حجرك فقد جاء أمر الله، فإذا فاضت نفسي فتناولها بيدك وأمسح بها وجهك، ثم وجهني إلى القبلة وتول أمري، وصل علي أول الناس ولا تفارقني حتى تواريني في رمسي واستعن بالله تعالى، فأخذ علي عليه السلام رأسه فوضعه في حجره فأغمي عليه، فأكبت فاطمة عليها السلام تنظر في وجهه وتندبه وتبكي وتقول:
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل ففتح رسول الله صلى الله عليه وآله عينيه (1)، وقال بصوت ضئيل: يا بنية هذا قول عمك أبي طالب لا تقوليه، ولكن قولي: * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) * (2) فبكت طويلا فأومأ إليها بالدنو منه فدنت منه، فأسر إليها شيئا تهلل وجهها له.
[ثم قبض عليه الصلاة والسلام ويد أمير المؤمنين عليه السلام اليمنى تحت حنكه ففاضت نفسه فيها فرفعها إلى وجهه فمسحه بها، ثم وجهه وغمضه ومد عليه إزاره واشتغل بالنظر في أمره] (3).
فجاءت الرواية: إنه قيل لفاطمة عليها السلام: ما الذي أسر إليك رسول الله صلى الله عليه وآله فسرى عنك به ما كنت عليه من الحزن والقلق بوفاته؟
قالت: إنه أخبرني إنني أول أهل بيته لحوقا به وإنه لن تطول المدة بي بعده حتى أدركه، فسرى ذلك عني (4).
وفي رواية الصدوق عن ابن عباس: فجاء الحسن والحسين عليهما السلام، يصيحان ويبكيان حتى وقعا على رسول الله صلى الله عليه وآله فأراد علي عليه السلام أن ينحيهما عنه، فأفاق رسول الله صلى الله عليه وآله.