ابن المهدي، وذكرت ما جرى منه في أهل بيته، وأنا مشفق من غوائله، فقال لي: لتطب نفسك يا موسى، فما جعل الله لموسى عليك سبيلا، فبينما هو يحدثني إذ أخذ بيدي وقال لي: قد أهلك الله آنفا عدوك فليحسن لله شكرك، قال: ثم استقبل أبو الحسن القبلة ورفع يديه إلى السماء يدعو.
فقال أبو الوضاح: فحدثني أبي قال: كان جماعة من خاصة أبي الحسن عليه السلام من أهل بيته وشيعته يحضرون مجلسه، ومعهم في أكمامهم ألواح آبنوس لطاف وأميال (1) فإذا نطق أبو الحسن عليه السلام بكلمة أو أفتى في نازلة أثبت القوم ما سمعوا منه في ذلك، قال: فسمعناه وهو يقول في دعائه شكرا لله جلت عظمته:
الدعاء، إلهي كم من عدو انتضى علي سيف عداوته، وشحذ لي ظبة مديته وأرهف لي شبا حده، وداف لي قواتل سمومه، وسدد نحوي صوائب (2) سهامه ولم تنم عني عين حراسته، وأضمر أن يسومني المكروه، ويجر عني ذعاف مرارته، فنظرت إلى ضعفي عن احتمال الفوادح، وعجزي عن الانتصار ممن قصدني بمحاربته، ووحدتي في كثير من ناواني، وإرصادهم لي فيما لم أعمل فيه فكري في الأرصاد لهم بمثله، فأيدتني بقوتك، وشددت أزري بنصرك، وفللت شبا حده وخذلته بعد جمع عديده (3) وحشده، وأعليت كعبي عليه، ووجهت ما سدد إلي من مكائده إليه، ورددته ولم يشف غليله، ولم تبرد حزازات غيظه، وقد عض علي أنامله، وأدبر موليا قد أخفقت سراياه.
فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لأنعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين.
إلهي وكم من باغ بغاني بمكائده، ونصب لي أشراك مصائده، ووكل بي تفقد رعايته، وأضبأ إلي إضباء السبع (4) لطريدته، انتظارا لانتهاز فرصته، وهو