ابن عبدون وأبي طالب بن الغرور وأبي الحسن الصفار والحسن بن إسماعيل بن أشناس جميعا، عن أبي المفضل الشيباني، عن محمد بن يزيد بن أبي الأزهر، عن محمد بن عبد الله النهشلي، عن أبيه قال: سمعت الامام أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام يقول التحدث بنعم الله شكر، وترك ذلك كفر، فارتبطوا نعم ربكم تعالى بالشكر، و حصنوا أموالكم بالزكاة، وادفعوا البلاء بالدعاء، فان الدعاء جنة منجية يرد البلاء وقد ابرم إبراما.
قال أبو الوضاح: وأخبرني أبي قال: لما قتل الحسين بن علي صاحب فخ - وهو الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن - بفخ، وتفرق الناس عنه، حمل رأسه والاسرى من أصحابه إلى موسى بن المهدي فلما بصر بهم أنشأ يقول متمثلا:
بني عمنا لا تنطقوا الشعر بعد ما * دفنتم بصحراء الغميم القوافيا فلسنا كمن كنتم تصيبون نيله (1) فنقبل ضيما أو نحكم قاضيا ولكن حكم السيف فينا مسلط * فنرضى إذا ما أصبح السيف راضيا وقد ساءني ما جرت الحرب بيننا * بني عمنا لو كان أمرا مدانيا فان قلتم إنا ظلمنا فلم نكن * ظلمنا ولكن قد أسأنا التقاضيا ثم أمر برجل من الاسرى فوبخه ثم قتله، ثم صنع مثل ذلك بجماعة من ولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وأخذ من الطالبيين، وجعل ينال منهم إلى أن ذكر موسى بن جعفر عليه السلام فنال منه ثم قال: والله ما خرج حسين إلا عن أمره لا اتبع إلا محبته لأنه صاحب الوصية في أهل هذا البيت، قتلني الله إن أبقيت عليه، فقال له أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي وكان جريا عليه: يا أمير المؤمنين أقول أم أسكت؟ فقال: قتلني الله إن عفوت عن موسى بن جعفر، ولولا ما سمعت من المهدي المنصور (2) فيما أخبر به المنصور ما كان به جعفر من الفضل المبرز عن أهله في دينه وعلمه وفضله، وما بلغني عن السفاح فيه من تقريضه وتفضيله لنبشت قبره وأحرقته بالنار إحراقا.