بينك وبينهم حجب الغفلة، فسكنوا في نورك، وتنفسوا بروحك، فصارت قلوبهم مغارسا لهيبتك، وأبصارهم ما كفا لقدرتك وقربت أرواحهم من قدسك، فجالسوا اسمك بوقار المجالسة، وخضوع المخاطبة، فأقبلت إليهم إقبال الشفيق، وأنصت لهم إنصات الرفيق، وأجبتهم إجابات الأحباء، وناجيتهم مناجاة الأخلاء، فبلغ بي المحل الذي إليه وصلوا، وانقلني من ذكري إلى ذكرك، ولا تترك بيني وبين ملكوت عزك بابا إلا فتحته، ولا حجابا من حجب الغفلة إلا هتكته، حتى تقيم روحي بين ضياء عرشك، وتجعل لها مقاما نصب نورك إنك على كل شئ قدير.
إلهي ما أوحش طريقا لا يكون رفيقي فيه أملي فيك، وأبعد سفرا لا يكون رجائي منه دليلي منك، خاب من اعتصم بحبل غيرك، وضعف ركن من استند إلى غير ركنك، فيا معلم مؤمليه الامل فيذهب عنهم كآبة الوجل، ولا تحرمني صالح العمل، واكلأني كلاءة من فارقته الحيل، فكيف يلحق مؤمليك ذل الفقر وأنت الغني عن مضار المذنبين، إلهي وإن كل حلاوة منقطعة، وحلاوة الايمان تزداد حلاوتها اتصالا بك، إلهي وإن قلبي قد بسط أمله فيك، فأذقه من حلاوة بسطك إياه البلوغ لما أمل، إنك على كل شئ قدير.
إلهي أسئلك مسألة من يعرفك كنه معرفتك من كل خير ينبغي للمؤمن أن يسلكه، وأعوذ بك من كل شر وفتنة أعذت بها أحباءك من خلقك، إنك على كل شئ قدير.
إلهي أسئلك مسألة المسكين الذي قد تحير في رجاه، فلا يجد ملجأ ولا مسندا يصل به إليك، ولا يستدل به عليك إلا بك وبأركانك ومقاماتك التي لا تعطيل لها منك، فأسئلك باسمك الذي ظهرت به لخاصة أوليائك، فوحدوك وعرفوك فعبدوك بحقيقتك أن تعرفني نفسك لأقر لك بربوبيتك على حقيقة الايمان بك ولا تجعلني يا إلهي ممن يعبد الاسم دون المعنى والحظني بلحظة من لحظاتك تنور بها قلبي بمعرفتك خاصة ومعرفة أوليائك إنك على كل شئ قدير.
13 - الكتاب العتيق الغروي: مناجاة مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وهي