وارض عني بجودك وكرمك، يا ذا الجود والاحسان، والطول والامتنان، يا أرحم الراحمين وصلى الله على نبينا محمد وآله أجمعين.
16 - الكتاب العتيق الغروي: مناجاة:
إلهي توعرت الطرق وقل السالكون، فكن أنيسي في وحدتي، وجليسي في خلوتي، فإليك أشكو فقري وفاقتي، وبك أنزلت ضري ومسكنتي، لأنك غاية أمنيتي، ومنتهى بلوغ طلبتي، فيا فرحة لقلوب الواصلين، ويا حياة لنفوس العارفين، ويا نهاية شوق المحبين.
أنت الذي بفنائك حطت الرحال، وإليك قصدت الآمال، وعليك كان صدق الاتكال، فيا من تفرد بالكمال، وتسربل بالجمال، وتعزز بالجلال، وجاد بالافضال، لا تحرمنا منك النوال.
إلهي بك لاذت القلوب لأنك غاية كل محبوب، وبك استجارت فرقا من من العيوب وأنت الذي علمت فحلمت، ونظرت فرحمت، وخبرت وسترت، و غضبت فغفرت، فهل مؤمل غيرك فيرجى، أم هل رب سواك فيخشى، أم هل معبود سواك فيدعى، أم هل قدم عند الشدائد إلا وهي إليك تسعى، فوعز عزك يا سرور الأرواح، ويا منتهى غاية الأفراح، إني لا أملك غير ذلي ومسكنتي لديك وفقري وصدق توكلي عليك، فأنا الهارب منك إليك، وأنا الطالب منك ما لا يخفى عليك، فان عفوت فبفضلك، وإن عاقبت فبعدلك، وإن مننت فبجودك، وإن تجاوزت فبدوام خلودك.
إلهي بجلال كبريائك أقسمت، وبدوام خلود بقائك آليت، إني لا برحت مقيما ببابك حتى تؤمنني من سطوات عذابك، ولا أقنع بالصفح عن سطوات عذابك حتى أروح بجزيل ثوابك.
إلهي عجبا لقلوب سكنت إلى الدنيا، وتروحت بروح المنى، وقد علمت أن ملكها زائل، ونعيمها راحل، وظلها آفل، وسندها مائل، وحسن نضارة بهجتها حائل، وحقيقتها باطل، كيف لا يشتاق إلى روح ملكوت السماء، وأنى لهم