على الله بهم أن يجعلك أغنى أهل المدينة، فقال سلمان: دعوت الله وسألته ما هو أجل وأنفع وأفضل من ملك الدنيا بأسرها، سألته بهم صلى الله عليهم أن يهب لي لسانا ذاكرا لتحميده وثنائه، وقلبا شاكرا لآلائه، وبدنا صابرا على الدواهي الداهية وهو عز وجل قد أجابني إلى ملتمسي من ذلك وهو أفضل من ملك الدنيا بحذافيرها وما تشتمل عليه من خيراتها مائة ألف ألف مرة (1).
21 - قبس المصباح: أخبرني الشيخ أبو الحسن محمد بن الحسين الصقال ببغداد في مسجد الحذائين بالكرخ في رجب سنة اثنين وأربعين وأربع مائة قال: حدثنا الشيخ أبو المفضل محمد بن عبد الله بن البهلول بن همام بن المطلب الشيباني يوم السبت التاسع من شهر ربيع الأول سنة ست وثمانين وثلاث مائة بالشرقية قال: سمعت أبا العباس أحمد بن كشمرد في داره ببغداد وقد سأله شيخنا أبو علي بن همام رحمه الله أن يذكر حاله إذ كان محبوسا عند الهجريين بالأحساء فحدثنا أبو العباس أنه كان ممن أسر بالهبير مع أبي الهيجاء، قال: وكان أبو طاهر سليمان بن الحسن مكرما لأبي الهيجاء معجبا برأيه وكان يستدعيه إلى طعامه فيتغدى معه ويستدعيه أيضا للحديث معه.
فلما كان ذات ليلة سألت أبا الهيجاء أن يجري ذكري عند سليمان بن الحسن ويسأله في إطلاقي فأجابني إلى ذلك ومضى إلى أبي الطاهر في تلك الليلة على رسمه وعاد من عنده ولم يلقني وكان من عادته أن يغشاني ورفيقي يعني الخال في كل ليلة عند عودته من التقائه مع سليمان بن الحسن فيسكن نفوسنا، ويعرفنا أخبار الدنيا فلما لم يعاود إلينا في تلك العشية مع سؤالي إياه الخطاب في أمري، استوحشت لذلك، فصرت إليه إلى منزله الموسوم به.
وكان أبو الهيجاء مبرزا في دينه مخلصا في ولايته وسيادته متوقرا على إخوانه فلما وقع طرفه علي بكى بكاء شديدا وقال: لبودي والله يا أبا العباس أني مرضت سنة كاملة، ولم اجر ذكرك له، قال: قلت: ولم؟ قال: لأني لما ذكرتك له اشتد غضبه وعظم، وحلف بالذي يحلف به مثله ليأمرن غدا بضرب رقبتك مع طلوع