وقال لموسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين، إني لا يخاف لدي المرسلون، لا تخف نجوت من القوم الظالمين، لا تخاف دركا ولا تخشى، لا تخف إنك أنت الاعلى، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا، أليس الله بكاف عبده، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ما شاء الله كان (1).
4 - مهج الدعوات: ومن ذلك الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وآله لموسى بن جعفر عليه السلام في السجن باسناد صحيح عن عبد الله بن مالك الخزاعي قال: دعاني هارون الرشيد فقال:
يا أبا عبد الله كيف أنت وموضع السر منك؟ فقلت: يا أمير المؤمنين ما أنا الا عبد من عبيدك، فقال: امض إلى تلك الحجرة وخذ من فيها، واحتفظ به إلى أن أسئلك عنه، قال: فدخلت فوجدت موسى بن جعفر عليه السلام فلما رآني سلمت عليه وحملته على دابتي إلى منزلي، فأدخلته داري، وجعلته على حرمي، وقفلت عليه والمفتاح معي، وكنت أتولى خدمته.
ومضت الأيام، فلم أشعر إلا برسول الرشيد يقول: أجب أمير المؤمنين فنهضت ودخلت عليه، وهو جالس وعن يمينه فراش، وعن يساره فراش، فسلمت عليه، فلم يرد غير أنه قال: ما فعلت بالوديعة؟ فكأني لم أفهم ما قال، فقال:
ما فعل صاحبك؟ فقلت: صالح، فقال: امض إليه وادفع إليه ثلاثة آلاف درهم واصرفه إلى منزله وأهله، فقمت وهممت بالانصراف، فقال له: أتدري ما السبب في ذلك؟ وما هو؟ قلت: لا يا أمير المؤمنين قال: نمت على الفراش الذي عن يميني، فرأيت في منامي قائلا يقول لي: يا هارون أطلق موسى بن جعفر، فانتبهت فقلت: لعلها لما في نفسي منه، فقمت إلى هذا الفراش الآخر فرأيت ذلك الشخص بعينه وهو يقول: يا هارون أمرتك أن تطلق موسى بن جعفر فلم تفعل؟ فانتبهت وتعوذت من الشيطان ثم قمت إلى هذا الفراش الذي أنا عليه وإذا بذلك الشخص