استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم " (1) إلى آخر الآية وقوله: " ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين " (2) فنزلت هذه ولم يكن غلبت، وغلبت بعد ذلك.
ومثله " وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين " (3).
فهذه الآيات وأشباههما نزلت قبل تأويلها، وكل ذلك تأويله بعد تنزيله.
[وأما ما تأويله مع تنزيله فمثل] (4) قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " (5) فيحتاج من سمع هذا التنزيل عن رسول الله صلى الله عليه وآله أن يعرف هؤلاء الصادقين الذين أمروا بالكينونية معهم، ويجب على الرسول أن يدل عليهم، ويجب على الأمة حينئذ امتثال الامر، ومثله قوله تعالى: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " (6) فلم يستغن الناس في هذا المعنى بالتنزيل دون التفسير كما استغنوا بالآيات المتقدمة التي ذكرت في آيات ما تأويله في تنزيله اللاتي ذكرناها في الآيات المتقدمة [إلا] حين بين لهم رسول الله صلى الله عليه وآله أن الولاة للامر الذي فرض الله طاعتهم من عترته المنصوص عليهم.
ومثله قوله تعالى: " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " (7) فلم يستغن الناس عن بيان ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله وحدود الصلاة كيف يصلونها وعددها وركوعها وسجودها ومواقيتها وما يتصل بها، وكذلك الزكاة والصوم وفرائض الحج وسائر الفرائض، إنما أنزلها الله وأمر بها في كتابه مجملة غير مشروحة للناس في معنى التنزيل وكان رسول الله صلى الله عليه وآله هو المفسر لها والمعلم للأمة كيف يؤدونها، وبهذه الطريقة وجب عليه صلى الله عليه وآله تعريف الأمة الصادقين عن الله عز وجل، " والشجرة الملعونة في