به التوراة ثم تسألوه عن مسألة أخرى فان ادعى علمها فهو كاذب، لأنه لا يعلم علمها غير الله، فقالوا: وما هذه الثلاث مسائل؟ قالوا: سلوه عن فتية كانوا في الزمن الأول غابوا ثم ناموا كم مقدار ما ناموا إلى أن انتبهوا؟ وكم كان عددهم؟
ولما انتبهوا ما الذي صنعوا وصنعه قومهم؟ وكم لهم من حيث انتبهوا إلى يومنا هذا؟ وما كانت قصتهم؟ وسلوه عن موسى بن عمران كيف كان حاله مع العالم حين اتبعه وفارقه، وسلوه عن طائف طاف الشرق والغرب من مطلع الشمس إلى مغربها من كان؟ وكيف كان حاله؟ ثم كتبوا لهم شرح حال الثلاث مسائل على ما عندهم في التوراة.
قالوا لهم: فما المسألة الأخرى؟ قال: سلوه عن قيام الساعة.
فقدم الثلاثة نفر بالمسائل إلى قريش وهم قاطعون أن لا علم لديه منها، فمشت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في الحجر وعنده عمه أبو طالب، فقالوا: يا أبا طالب إن ابن أخيك محمدا خالف قومه، وسفه أحلامهم، وعاب آلهتهم، وسبها وأفسد الشباب من رجالهم، وفرق جماعتهم، وزعم أن أخبار السماء تأتيه، وقد جئنا بمسائل فان أخبرنا بها علمنا أنه صادق، وإن لم يخبرنا بها علمنا أنه كاذب فقال لهم أبو طالب: دونكم فسلوه عما بدا لكم تجدوه مليا.
فقالوا: يا محمد أخبرنا عن فئة كانوا في الزمان الأول ثم غابوا ثم ناموا وانتبهوا كم عددهم؟ وكم ناموا؟ وما كان خبرهم مع قومهم؟ وأخبرنا عن موسى ابن عمران والعالم الذي اتبعه كيف كانت قصته معه؟ وأخبرنا عن طائف طاف الشرق والغرب من مطلع الشمس إلى مغربها؟ وكيف كان خبره؟
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: إني لا أخبركم بشئ إلا من عند ربي وإنما أنتظر الوحي، يجئ ثم أخبركم بهذا غدا، ولم يستثن إنشاء الله، فاحتبس الوحي عنه أربعين يوما حتى شك جماعة من أصحابه، واغتم رسول الله صلى الله عليه وآله، وفرحت قريش بذلك، وأكثر المشركون القول، فلما كان بعد أربعين صباحا نزل عليه بسورة الكهف وفيها قصص ثلاث مسائل، والمسألة الأخرى، فتلاها عليهم.