غافرا غيرك، فقد هربت منك إليك غير مستنكف ولا مستكبر عن عبادتك، يا انس كل مستجير، يا سند كل فقير، أسألك بأنك أنت الله الحنان المنان، لا إله إلا أنت بديع السماوات والأرض، ذو الجلال والاكرام، عالم الغيب والشهادة، الرحمن الرحيم.
أنت الرب وأنا العبد، وأنت المالك وأنا المملوك، وأنت العزيز وأنا الذليل وأنت الغني وأنا الفقير، وأنت الحي وأنا الميت، وأنت الباقي وأنا الفاني، وأنت المحسن وأنا المسئ، وأنت الغفور وأنا المذنب، وأنت الرحيم وأنا الخاطي، و أنت الخالق وأنا المخلوق، وأنت القوى وأنا الضعيف، وأنت المعطي وأنا السائل، وأنت الرازق وأنا المرزوق، وأنت أحق من سكوت إليه واستعنت به ورجوته.
إلهي كم من مذنب قد غفرت له، وكم من مسئ قد تجاوزت عنه، فصل على محمد وآله، واغفر لي وارحمني، واعف عني وعافني، وافتح لي من فضلك، سبوح ذكرك، قدوس أمرك، نافذ قضاؤك، يسير لي من أمري ما أخاف عسره، وفرج لي عنى وعن والدي وعن كل مؤمن ومؤمنة ما أخاف كربه، واكفني ما أخاف ضرورته، وادرء عنى ما أخاف حزونته، وسهل لي ولكل مؤمن ما أرجوه وآمله، لا إله إلا أنت سبحانك إلى كنت من الظالمين (1).
بيان: (أنت الأول) أي انحصر فيك الأولية لتعريف الخبر، فيتفرع عليه (لا شئ قبلك) أو المراد بالأولية كونه علة كل شئ، وكذا الاخر للحصر، أو بمعنى كونه غاية الغايات، وقد مر الكلام فيهما وسيأتي (البدئ) الأشياء ومبدعها (لا ينفد) أي لا يفنى أولا ينتهي إبداعه (لا تضام) أي لا تظلم (الصمد) أي البسيط الذي ليس بذي أجزاء أوليس بأجوف تكون فيه جهة القوة والاستعداد، أو محتاج إليه الكل ولا يحتاج إلى شئ، وعلى كل الوجوه يصح تفريع عدم احتياج الطعام عليه كمالا يخفى (القيوم) القائم بالذات الذي يقوم به كل شئ، فلا يكون منه نوم