أقول: هذا كلام لا يحتاج إلى نقض لأنه لم يزد فيه على كون بعض الأصحاب ذكر ذلك وهو حكاية حال، ولا يخفى أن مجرد الفتوى ليس دليلا، وقد صدر المقام بقوله في تعيين ما فتح عنوة، فإن أراد أن هذا القدر يقتضي التعيين فلا يخفى فساده وإن أراد أنه يفيد الدعوى فلا نزاع معه، على أن ما في المبسوط (1) قد سمعته وسمعت ما ذيله به من قوله " وعلى الرواية "، (2) وإذ قد عرفت ما أفدناه وضعف ما استدل به فاعلم أن هنا أمر إذا نظره المتأمل بعين البصيرة لم يجد معه لهذا الرجل المتحمل في حل هذه الشعرية وجها وأنه وفيما فعل وألف لا يخلو من أمرين قصور في العلم أسقط فيما فعل، أو شدة فهمه لحب جمع الدنيا لا يبالي معه من أين أصاب، وذكر ما ذكرتموها لدفع الشناعة من بعض قاصري النظر، ولعل الثاني هو الوجه، فإن ولاة العراق قد ألموا أهله بتخريج مال لا شبهة في تحريمه، ضرب في تحصيله السيد والعامي وبكر من ضيق ذمة الفقير والمسكين وكنت من المشاهدين لذلك، حتى أن الحائك وغيره من أرباب الصنائع من المؤمنين المكتسبين يؤخذ منهم إلى مرتبة الدرهم والدرهمين وجمعوا ذلك وجعلوه في وجه المعونة للزاد والراحلة وما تبعهما عند توجهنا إلى الرضا عليه السلام بإشارة من خلدت دولته فبولغت فيه، فكان جوابي بحضرة هذا المؤلف وحضرات كبار أهل العراق من السادة والعوام أنه - دامت سلطنته بعث إلينا من أقاصي خراسان ونحن في طرف عراق العرب طلبنا لترويج الدين وإظهار فضل التشيع وأهله المستنين بسنته أهل بيت النبوة عليهم السلام فإذا تركنا الدين وأخذنا الحرام كيف نكون أهلا لترويج الدين، فلم ألبث قليلا وإذا به قد أخذه وصرفه فيما يشاء غير متأثم ولا خائف من موقف العرض ولا مستح من شناعة أهل الإيمان
(٩٤)