لأنه من المجزوم به أنها فتحت بالسيف فتحها الثاني، أما أن لها حكم المفتوحة عنوة شرعا فلا، بل لو قيل أن قوله " فتحها " فيه دلالة على أنها ليست بحكم المفتوحة عنوة عنه كان صوابا لأنه جزم بأن المغنوم بغير إذن الإمام للإمام. وقوله " فتحها " من غير أن يذكر شيئا غير ذلك فيه دلالة على أنها من الأنفال خصوصا إذا انضم إلى جملة كونها بحكم المفتوحة عنده حكاية، وعبارته في التحرير قريب من هذا حيث قال: أرض السواد وهي الأرض المفتوحة من الفرس التي فتحها عمر وهي سواد العراق وحده من سطح الجبال بحلوان إلى طرف القادسية المتصلة بقريب من أرض العرب ومن تخوم الموصل طولها إلى ساحل البحر ببلاد عبادان من شرقي دجلة، فأما الغربي الذي يليه البصرة فإنما هو إسلامي مثل شط عثمان ابن أبي العاص وما والاها كانت شياحا ومواتا وأحياها عمار بن أبي العاص وسميت هذه الأرض سوادا لأن الجيش لما خرجوا من البادية رأوا التفات شجرها فسموها سوادا وبعث عمر إليها بعد فتحها ثلاثة أنفس: عمار بن ياسر على صلاتهم أميرا وابن مسعود قاضيا وواليا على بيت المال وعثمان بن حنيف على مساحة الأرض، قال أبو عبيدة: فبلغ مساحتها ستة وثلاثون ألف ألف جريب فضرب على كل جريب نخل عشرة دراهم وعلى الكرم ثمانية دراهم وعلى جريب الشجر والرطبة ستة دراهم وعلى الحنطة أربعة دراهم وعلى الشعير درهمين ثم كتب إلى عمر فأمضاه وكان ارتفاعها مائة وستين ألف ألف درهم ولما انتهى الأمر إلى أمير المؤمنين عليه السلام أمضى ذلك ورجع ارتفاعها في زمن الحجاج إلى ثمانية عشر ألف ألف درهم. قال الشيخ: والذي يقتضيه المذهب أن هذه الأراضي وغيرها من البلاد التي فتحت عنوة يخرج خمسها لأربابه وأربعة الأخماس الباقية للمسلمين قاطبة لا يصح التصرف فيه ببيع ولا هبة ولا إجازة ولا إرث، ولا يصح أن تبنى دورا ومنازل ومساجد وسقايات ولا غير ذلك من أنواع التصرف التي يتبع الملك، ومتى فعل شيئا من ذلك كان التصرف باطلا وهو باق
(٨٨)