فلما ولي عمر بن عبد العزيز رجع إلى ثلاثين ألف ألف في أول سنة وفي الثانية بلغ ستين ألف ألف فقال: لو عشت سنة أخرى لرددتها إلى ما كان في أيام عمر فمات تلك السنة، وكذلك أمير المؤمنين عليه السلام لما اقضي الأمر إليه أمضى ذلك لأنه لم يمكنه أن يخالف ويحكم بما يجب عنده فيه، والذي يقتضيه المذهب أن هذه الأراضي وغيرها من البلاد التي فتحت عنوة أن يكون خمسها لأهل الخمس وأربعة أخماسها يكون للمسلمين قاطبة، يكون الغانمين وغير الغانمين في ذلك سواء، ويكون للإمام النظر فيها وتقبيلها وتضمينها بما شاء ويأخذ ارتفاعها ويصرفه في مصالح المسلمين وما يبوء بهم من سد الثغور ومؤونة المجاهدين وبناء القناطر وغير ذلك من المصالح، وليس الغانمين في هذه الأرضين خصوصا شئ بل هم والمسلمون فيه سواء، ولا يصح بيع شئ من هذه الأرضين ولا هبته ولا معاوضته ولا تملكه ولا وقفه ولا إجارته ولا إرثه، ولا يصح أن نبني دورا ومنازل ومساجد وسقايات ولا غير ذلك من أنواع التصرف الذي تتبع الملك، ومتى فعل شيئا من ذلك كان التصرف باطلا وهو باق على الأصل، وعلى الرواية التي رواها أصحابنا أن كل عسكر أو فرقة غزت بغير إذن الإمام فغنمت تكون الغنيمة للإمام خاصة هذه الأرضون وغيرها مما فتحت بعد الرسول إلا ما فتح في أيام أمير المؤمنين إن صح شئ من ذلك يكون للإمام خاصة ويكون من جملة الأنفال التي له خاصة لا يشركه فيها غيره (1).
أقول: لا خفاء ولا شبهة أن الشيخ رحمه الله بهذا الكلام حاكم أن الفتح كان بغير إذن علي عليه السلام لأنه حكم بأنه على الرواية يكون من الأنفال، والرواية تضمنت أن ما فتح له بغير إذنه يكون له، فلولا أن عدم الإذن محقق عنده لم يحكم بأنها من الأنفال على الرواية بلا مرية لأنه لا يلزم من الرواية أن ما فتح بإذنه من