الأنفال بل ما فتح بغير إذنه، وقد حكم على الرواية بأن العراق وسائر ما فتح في غير أيام علي عليه السلام يكون من الأنفال، وهذا صريح ينادي من له أدنى تأمل بأن غزو العسكر لم يكن بإذن أمير المؤمنين عليه السلام وأن مذهب الشيخ أنها من الأنفال لأنه مفت بمقتضى الرواية وجازم بها في كتبه بل ادعى في بعضها الإجماع على مقتضاها كما أسلفنا حكاية عنه.
إن قلت ما قد قال سابقا والذي يقتضيه المذهب أن هذه الأراضي وغيرها ينافي حكمه بكونها من الأنفال على الرواية لأن الرواية عنده محققة مجزوم (1) بها كما ذكرته عنه في هذا الكتاب وغيره كالنهاية (2) فما الجمع بين كلاميه؟
قلت: وجه الجمع بين كلاميه أن يحمل الكلام الأول على الرد على العامة بتقدير الفتح عنوة، فإن الذي يقتضيه المذهب في المفتوح عنوة ما ذكره، وعند الشافي أن حكمه حكم ما ينقل ويحول، (3) وبه قال الزبير، وذهب قوم إلى أن الإمام مخير فيه بين شيئين بين أن يقسمه على الغانمين وبين أن ينفقه على المسلمين. ذهب إليه عمر ومعاد الثوري وعبد الله بن المبارك، وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن الإمام مخير فيه بين ثلاثة أشياء: بين أن يقسمه على الغانمين وبين أن ينفقه على المسلمين وبين أن يقر أهلها عليها ويضرب عليهم الجزية باسم الخراج، فإن شاء أقر أهلها الذين كانوا فيها، وإن شاء أخرج أولئك وأتى بقوم آخرين من المشركين وأقمر هم فيها وأضرب عليهم الجزية باسم الخراج، وذهب مالك إلى أن ذلك يصير وقفا على المسلمين بنفس الاغتنام والأخذ من غير إنفاق الإمام، ولا يجوز بيعه ولا شراؤه، (4) فلما علم الشيخ أنهم اتفقوا على أنها