في حق قيل لي، ولا التماس إعظام لنفسي، فإنه من استثقل الحق أن يقال له، أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه. فلا تكفوا عن مقالة بحق، أو مشورة بعدل، فاني لست في نفسي بفوق أن اخطئ ولا آمن ذلك من فعلي (1) إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني، فإنما أنا وأنتم عبيد مملوكون لرب لا رب غيره، يملك منا ما لا نملك من أنفسنا، وأخرجنا مما كنا فيه (2) إلى ما صلحنا عليه، فأبدلنا بعد الضلالة بالهدى وأعطانا البصيرة بعد العمى.
فأجابه الرجل الذي أجابه من قبل فقال: أنت أهل ما قلت، والله [والله] فوق ما قلته، فبلاؤه عندنا ما لا يكفر (3) وقد حملك الله تبارك وتعالى رعايتنا، وولاك سياسة أمورنا، فأصبحت علمنا الذي نهتدي به، وإمامنا الذي نقتدي به، وأمرك كله رشد، وقولك كله أدب، قد قرت بك في الحياة أعيننا، وامتلأت من سرور بك قلوبنا. وتحيرت من صفة ما فيك من بارع الفضل (4) عقولنا. ولسنا نقول لك