أيها الامام الصالح تزكية لك. ولا نجاوز القصد في الثناء عليك. ولم يكن (1) في أنفسنا طعن على يقينك، أو غش في دينك فنتخوف أن يكون أحدثت بنعمة الله تبارك وتعالى تجبرا، أو دخلك كبر، ولكنا نقول لك ما قلنا تقربا إلى الله عزو جل بتوقيرك، وتوسعا بتفضيلك، وشكرا بإعظام أمرك، فانظر لنفسك ولنا، و آثر أمر الله على نفسك وعلينا، فنحن طوع فيما أمرتنا، ننقاد من الأمور مع ذلك فيما ينفعنا.
فأجابه أمير المؤمنين عليه السلام فقال: وأنا أستشهدكم عند الله على نفسي لعلمكم فيما وليت به من أموركم وعما قليل يجمعني وإياكم الموقف بين يديه، والسؤال عما كنا فيه، ثم يشهد بعضنا على بعض، فلا تشهدوا اليوم بخلاف ما أنتم شاهدون غدا، فان الله عز وجل لا يخفى عليه خافية، ولا يجوز عنده إلا مناصحة الصدور في جميع الأمور.
فأجابه الرجل - ويقال لم ير الرجل بعد كلامه هذا لأمير المؤمنين عليه السلام فأجابه - وقد عال الذي (2) في صدره فقال والبكاء تقطع منطقه، وغصض الشجى تكسر صوته إعظاما لخطر مرزئته، ووحشة من كون فجيعته (3).
فحمد الله وأثنى عليه ثم شكى إليه هول ما أشفى عليه (4) من الخطر العظيم والذل الطويل في فساد زمانه، وانقلاب جده (5) وانقطاع ما كان من دولته، ثم