بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٤ - الصفحة ٣٢٧
إذا تمخضت لجة المزن فيه والتمع برقه في كففه، ولم ينم وميضه في كنهور ربابه ومتراكم سحابه، أرسله سحا متداركا قد أسف هيد به (1) تمريه الجنوب درر أهاضيبه، ودفع شآبيبه، فلما ألقت السحاب برك بوانيها وبعاع ما استقلت به من العبء المحمول عليها (2) أخرج به من هوامد الأرض النبات، ومن زعر الجبال الأعشاب، فهي تبهج بزينة رياضها، وتزدهي بما ألبسته من ريط أزاهيرها وحلية ما سمطت به من ناضر أنوارها (3) وجعل ذلك بلاغا للأنام، ورزقا للانعام وخرق الفجاج في آفاقها، وأقام المنار للسالكين على جواد طرقها.

(1) الوميض: اللمعان. كهنور - كسفرجل - قطع عظيمة من السحاب كالجبال وقيل:
المتراكم منه. والرباب - كسحاب - الأبيض منه. " سحا " أي متواصلا متلاحقا والمتدارك من الدرك - محركة - وهو اللحاق. تدارك القوم إذا لحق آخرهم أولهم. وكففه: حاشيته وجوانبه. وهيدبه ما تهدب أي تدلى، واسف الطائر دنا من الأرض.
(2) الأهاضيب: جمع أهضاب وهو جمع هضبة - كضربة - وهي المطرة. والشآبيب جمع شؤبوب: وهو ما ينزل من المطر دفعة بشدة وكأنما ينصب من جانب لامن أعلى.
والبرك الصدر، والبواني قوائم الناقة والإضافة لأدنى ملابسة، وبناء الكلام على تشبيه السحاب بالناقة المحمول عليها. البعاع - بالفتح -: ثقل السحاب من الماء وهو عطف على " برك ".
والعبء - بالكسر -: الحمل. والهوامد من الأرض التي لا نبات فيها.
(3) الزعر - محركة -: فتلة الشعر من الرأس، والازعر: الموضع الذي قل نباته والجمع زعر كأحمر وحمر. والبهج - كالمنع - السرور والفرح. وتزدهى أي تكبر وتعجب. الريط - كعنب - جمع ريطة - بالفتح - قيل هي كل ثوب رقيق لين. وسمطت على صيغة المفعول أي علقت. وفى بعض نسخ المصدر بالشين المعجمة والشميط من النبات ما كان فيه لون الخضرة مختلطا بلون الزهر. والأنوار: جمع نور - بفتح النون - وهو الزهر.
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»
الفهرست