تبيين: في القاموس: الكرم محركة ضد اللؤم: كرم بضم الراء كرامة فهو كريم ومكرمة وأكرمه وكرمه عظمه ونزهه، والكريم الصفوح والمكرم والمكرمة بضم رائهما فعل الكرم، وأرض مكرمة كريمة طيبة انتهى، والمكارم جمع المكرمة أي الأخلاق والأعمال الكريمة الشريفة التي توجب كرم المرء وشرافته " فان استطعت " يدل على أن تحصيل تلك الصفات أو كمالها لا يتيسر لكل أحد، فإنها من العنايات الربانية والمواهب السبحانية التابعة للطينات الحسنة الطيبة، وبين عليه السلام ذلك بقوله " فإنها تكون في الرجل ولا تكون في ولده " مع شدة المناسبة والخلطة والمعاشرة بينهما وكذا العكس، ولا مدخل للشرافة النسبية في ذلك، ولا الكرامة الدنيوية، وبين عليه السلام ذلك بقوله " وتكون في العبد " الخ.
فان قيل: إذا كانت هذه الصفات من المواهب الربانية فلا اختيار للعباد فيها فلا يتصور التكليف بها والمذمة على تركها؟ قلت: يمكن أن يجاب عنه بوجهين:
الأول أن يكون المراد بالاستطاعة سهولة التحصيل لا القدرة والاختيار، وتكون العناية الإلهية سببا لسهولة الامر لا التمكن منه، الثاني أن تكون الاستطاعة في المستحبات كأقراء الضيف وإطعام السائل والتذمم والحياء لا في الواجبات كصدق اللسان وأداء الأمانة.
قوله عليه السلام " صدق البأس " في بعض نسخ الكتاب ومجالس الشيخ وغيره (1) بالياء المثناة التحتانية وفي بعضها بالباء الموحدة، فعلى الأول المراد به اليأس عما في أيدي الناس وقصر النظر على فضله تعالى ولطفه، والمراد بصدقه عدم كونه بمحض الدعوى من غير ظهور آثاره، إذ قد يطلق الصدق في غير الكلام من أفعال الجوارح فيقال صدق في القتال إذا وفي حقه، وفعل على ما يجب وكما يجب وكذب في القتال إذا كان بخلاف ذلك، وقد يطلق على مطلق الحسن نحو قوله تعالى " مقعد صدق - وقدم صدق ".
وعلى الثاني المراد بالبأس إما الشجاعة والشدة في الحرب وغيره أي الشجاعة