وإرشاد الجاهلين، بل لا يكون تدريسه إلا لتحصيل تلك المقاصد الواهية، و الأغراض الفاسدة، وإن قال بلسانه أدرس قربة إلى الله، وتصور ذلك بقلبه و أثبته في ضميره، وما دام لم يقلع تلك الصفات الذميمة من قلبه لا عبرة بنيته أصلا.
وكذلك إذا كان قلبك عند نية الصلاة منهمكا في أمور الدنيا، والتهالك عليها، والانبعاث في طلبها، فلا يتيسر لك توجيهه بكليته، وتحصيل الميل الصادق إليها، والاقبال الحقيقي عليها، بل يكون دخولك فيها دخول متكلف لها متبرم بها ويكون قولك أصلي قربة إلى الله كقول الشبعان أشتهي الطعام، وقول الفارغ أعشق فلانا مثلا.
والحاصل أنه لا يحصل لك النية الكاملة المعتد بها في العبادات، من دون ذلك الميل والاقبال، وقمع ما يضاده من الصوارف والاشغال، وهو لا يتيسر الا إذا صرفت قلبك عن الأمور الدنيوية، وطهرت نفسك عن الصفات الذميمة الدنية، وقطعت نظرك عن حظوظك العاجلة بالكلية.
وأقول: أمر النية قد اشتبه على كثير من علمائنا رضوان الله عليهم لاشتباهه على المخالفين، ولم يحققوا ذلك على الحق واليقين، وقد حقق شيخنا البهائي قدس الله روحه شيئا من ذلك في شرح الأربعين، وحققنا كثيرا من غوامض أسرارها في كتاب عين الحياة، ورسالة العقائد، فمن أراد تحقيق ذلك فليرجع إليهما.
2 - الكافي: عن علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: نية المؤمن خير من عمله، ونية الكافر شر من عمله، وكل عامل يعمل على نيته (1).
بيان: هذا الحديث من الاخبار المشهورة بين الخاصة والعامة، وقد قيل فيه وجوه:
الأول أن المراد بنية المؤمن اعتقاده الحق ولا ريب أنه خير من أعماله