الخشية ملاك الامر والباعث على كل خير.
1 - الكافي: عن العدة، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن منصور بن يونس، عن الحارث بن المغيرة أو أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ما كان في وصيه لقمان، قال: كان فيها الأعاجيب، وكان أعجب ما [كان] فيها أن قال لابنه:
خف الله عز وجل خيفة لو حبئته ببر الثقلين لعذبك، وارج الله رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك.
ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: كان أبي عليه السلام يقول: إنه ليس من عبد مؤمن إلا في قلبه نوران: نور خيفة، ونور رجاء، لو وزن هذا لم يزد على هذا ولو وزن هذا لم يزد على هذا (1).
بيان: الأعاجيب جمع الأعجوبة، وهي ما يعجبك حسنه أو قبحه، والمراد هنا الأول، ويدل على أنه ينبغي أن يكون الخوف والرجاء كلاهما كاملين في النفس ولا تنافي بينهما فان ملاحظة سعة رحمة الله وغنائه وجوده ولطفه على عباده سبب الرجاء، والنظر إلى شدة بأس الله وبطشه وما أوعد العاصين من عباده موجب للخوف، مع أن أسباب الخوف ترجع إلى نقص العبد وتقصيره وسوء أعماله وقصوره عن الوصول إلى مراتب القرب والوصال وانهماكه فيما يوجب الخسران والوبال، وأسباب الرجاء تؤول إلى لطف الله ورحمته وعفوه وغفرانه ووفور إحسانه وكل منهما في أعلا مدارج الكمال.
قال بعضهم: كلما يلاقيك من مكروه ومحبوب ينقسم إلى موجود في الحال وإلى موجود فيما مضى، وإلى منتظر في الاستقبال: فإذا خطر ببالك موجود فيما مضى سمي فكرا وتذكرا وإن كان ما خطر بقلبك موجودا في الحال سمي إدراكا وإن كان خطر ببالك وجود شئ في الاستقبال وغلب ذلك على قلبك سمي انتظارا وتوقعا، فإن كان المنتظر مكروها حصل منه ألم في القلب سمي خوفا وإشفاقا وإن كان محبوبا حصل من انتظاره وتعلق القلب به وإخطار وجوده بالبال لذة