عن جميل بن دراج، عن أبي حمزة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من عرف الله خاف الله، ومن خاف الله سخت نفسه عن الدنيا (1).
بيان: يقال سخي عن الشئ يسخى من باب تعب ترك، ويدل على أن الخوف من الله لازم لمعرفته كما قال تعالى: " إنما يخشى الله من عباده العلماء " وذلك لان من عرف عظمته وغلبته على جميع الأشياء وقدرته على جميع الممكنات بالايجاد والافناء خاف منه وأيضا من علم احتياجه إليه في وجوده، وبقائه وسائر كمالاته في جميع أحواله خاف سلب ذلك منه، ومعلوم أن الخوف من الله سبب لترك ملاذ الدنيا وشهواتها الموجبة لسخط الله.
4 - الكافي: عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن ابن أبي نجران، عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: قوم يعملون بالمعاصي ويقولون نرجو فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم الموت؟ فقال: هؤلاء قوم يترجحون في الأماني كذبوا ليسوا براجين، إن من رجا شيئا طلبه ومن خاف من شئ هرب منه.
ورواه علي بن محمد رفعه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن قوما من مواليك يلمون بالمعاصي ويقولون نرجو، فقال: كذبوا ليسوا لنا بموال أولئك قوم ترجحت بهم الأماني من رجا شيئا عمل له، ومن خاف من شئ هرب منه (2).
بيان: " ويقولون نرجو " أي رحمة الله وغفرانه " حتى يأتيهم الموت " أي بلا توبة ولا تدارك والترجح تذبذب الشئ المعلق في الهواء والتميل من جانب إلى جانب، وترجحت به الأرجوحة مالت، وهي حبل يعلق ويركبه الصبيان فكأنه عليه السلام شبه أمانيهم بأرجوحة يركبه الصبيان يتحرك بأدنى نسيم وحركة فكذا هؤلاء يميلون بسبب الأماني من الخوف إلى الرجاء بأدنى وهم، و " في " يحتمل الظرفية والسببية وكونه بمعنى " على "، ولما كان الخوف والرجاء متلازمين ذكر الخوف أيضا فان رجاء كل شئ مستلزم للخوف من فواته، وفي