على الطاعات في شبابه لا يتكدر ولا يرين مرآة قلبه بالفسوق والمعاصي، وإذا أقبل على المعاصي وران قلبه بها قلما ينفك عنها ولو تركها قلما تصفو نفسه من كدوراتها.
وعلى الثاني المراد بالكبر سن الهرم والزمن، أي ينبغي أن يغتنم أوايل الشيخوخة للطاعة، قبل تعطل القوى وذهاب العقل، فيكون قريبا من الفقرة الآتية " وفي الحياة قبل الممات " أي ينبغي أن يغتنم كل جزء من الحياة ولا يسوف العمل، لاحتمال انقطاع الحياة بعده، والمستعتب إما مصدر أو اسم مكان، والاستعتاب الاسترضاء، قال في النهاية: أعتبني فلان إذا عاد إلى مسرتي واستعتب طلب أن يرضى عنه، كما يقول استرضيته فأرضاني، والمعتب المرضى، ومنه الحديث لا يتمنين أحدكم الموت أما محسنا فلعله يزداد وأما مسيئا فلعله يستعتب أي يرجع عن الإساءة، ويطلب الرضا، ومنه الحديث ولا بعد الموت من مستعتب أي ليس بعد الموت من استرضاء لان الأعمال بطلت وانقضى زمانها وما بعد الموت دار جزاء لا دار عمل، والعتبى الرجوع عن الذنب والإساءة.
8 - الكافي: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن داود الرقي، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل " ولمن خاف مقام ربه جنتان " (1) قال: من علم أن الله يراه ويسمع ما يقول ويفعله ويعلم ما يعمله من خير أو شر فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال فذلك " الذي خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى " (2).
بيان: قوله " فذلك الذي " إشارة إلى تفسير آية أخرى تنبيها على تقارب مضموم الآيتين واتحاد الموصول في الموضعين، وأن نهي النفس عن الهوى مراد في تلك الآية أيضا، فان الخوف بدون ترك المعاصي ليس بخوف حقيقة ووحدة الجنة فيها لا تنافي التثنية في الأخرى لان المراد بها الجنس وأشار عليه السلام إلى أن الخوف