في التمثيل بالبارزين سابقا.
فاحذر أن يغرك الشيطان، ويثبطك عن العمل، ويقنعك بمحض الرجاء والأمل، وانظر إلى حال الأنبياء والأولياء، واجتهادهم في الطاعات، وصرفهم العمر في العبادات، ليلا ونهارا، أما كانوا يرجون عفو الله ورحمته؟ بلى والله إنهم كانوا أعلم بسعة رحمته، وأرجا لها منك، ومن كل أحد، ولكن علموا أن رجاء الرحمة من دون العمل غرور محض، وسفه بحت، فصرفوا في العبادات أعمارهم وقصروا على الطاعات ليلهم ونهارهم.
5 - الكافي: عن العدة، عن البرقي، عن بعض أصحابه، عن صالح بن حمزة رفعه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن من العبادة شدة الخوف من الله عز وجل " إنما يخشى الله من عباده العلماء " (1) وقال جل ثناؤه: " فلا تخشوا الناس واخشوني " (2) وقال تبارك وتعالى: " ومن يتق الله يجعل له مخرجا " (3) قال: وقال أبو عبد الله عليه السلام: إن حب الشرف والذكر لا يكونان في قلب الخائف الراهب (4).
بيان: " إن من العبادة " أي من أعظم أسبابها، أو هي بنفسها عبادة أمر الله بها كما سيأتي، والخوف مبدؤه تصور عظمة الخالق ووعيده، وأهوال الآخرة والتصديق بها، وبحسب قوة ذلك التصور وهذا التصديق يكون قوة الخوف وشدته، وهي مطلوبة ما لم تبلغ حد القنوط.
" إنما يخشى الله من عباده العلماء " هم الذين علموا عظمة الله وجلاله وعزه وقهره وجوده وفضله علما يقينيا يورث العمل، ومعاينة أحوال الآخرة وأهوالها كما مر.