الجبل مما ينزل عليه القرآن ويشعر به مع غلظه وجفاء طبعه وكبر جسمه لخشع لمنزله وانصدع من خشيته، تعظيما لشأنه، فالانسان أحق بهذا لو عقل الاحكام التي فيه، وقيل: معناه لو كان الكلام ببلاغته يصدع الجبل لكان هذا القرآن يصدعه وقيل إن المراد ما يقتضيه الظاهر بدلالة قوله " وإن منها لما يهبط من خشية الله " وهذا وصف للكافر بالقسوة، حيث لم يلن قلبه بمواعظ القرآن الذي لو نزل على جبل لتخشع ويدل على أن هذا تمثيل قوله " وتلك الأمثال " الخ (1).
" بالغيب " (2) أي يخافون عذابه غائبا عنهم لم يعاينوه بعد، أو غائبين عنه أو عن أعين الناس، أو بالمخفي فيهم، وهو قلوبهم " لهم مغفرة " لذنوبهم " وأجر كبير " يصغر دونه لذائذ الدنيا " أأمنتم من في السماء " يعني الملائكة الموكلين على تدبير هذا العالم " أن يخسف بكم الأرض " فيغيبكم فيها كما فعل بقارون " فإذا هي تمور " أي تضطرب " أن يرسل عليكم حاصبا " أي يمطر عليكم حصباء " فستعلمون كيف نذير " أي كيف إنذاري إذا شاهدتم المنذر به، ولكن لا ينفعكم العلم حينئذ " فكيف كان نكير " أي إنكاري عليهم بانزال العذاب، وهو تسلية للرسول صلى الله عليه وآله وتهديد لقومه " صافات " أي باسطات أجنحتهن في الجو عند طيرانها فإنهن إذا بسطتها صففن قوادمها " ويقبضن " أي وإذا ضربن بها جنوبهن وقتا بعد وقت للاستعانة به على التحريك " ما يمسكهن " في الجو على خلاف الطبع " إلا الرحمن " الواسع رحمته كل شئ " إنه بكل شئ بصير " يعلم كيف ينبغي أن يخلقه.
" أم من هذا الذي هو جند لكم " (3) يعني أو لم تنظروا في أمثال هذه الصنايع، فتعلموا قدرتنا على تعذيبكم بنحو خسف وإرسال حاصب، أم هذا الذي تعبدونه من دون الله لكم جند ينصركم من دون الله أن يرسل عليكم عذابه، فهو