من اعتقد أن الكواكب هي المدبرة لهذا العالم، وهي الخالقة لما فيه من الحوادث [والخيرات] والشرور فإنه يكون كافرا على الاطلاق، وهذا هو النوع الأول من السحر، وأما النوع الثاني وهو أن يعتقد أنه قد يبلغ روح الانسان في التصفية والقوة إلى حيث يقدر بها على إيجاد الأجسام والحياة والقدرة وتغيير البنية والشكل فالأظهر إجماع الأمة أيضا على تكفيره، أما النوع الثالث وهو أن يعتقد الساحر أنه قد يبلغ في التصفية وقراءة الرقي وتدخين بعض الأدوية إلى حيث يخلق الله تعالى في عقب أفعاله على سبيل العادة الأجسام والحياة والقدرة (1) و تغيير البنية والشكل، فهنا المعتزلة اتفقوا على تكفير من يجوز ذلك، قالوا:
لأنه مع هذا الاعتقاد لا يمكنه أن يعرف صدق الأنبياء والرسل، وهذا ركيك من القول، فإن لقائل أن يقول: إن الانسان لو ادعى النبوة وكان كاذبا في دعواه فإنه لا يجوز من الله تعالى إظهار هذه الأشياء على يده لئلا يحصل التلبيس، أما إذا لم يدع النبوة وظهرت هذه الأشياء على يده لم يفض ذلك إلى التلبيس، لان المحق يتميز عن المبطل، بما أن المحق تحصل له هذه الأشياء مع ادعاء النبوة، وأما سائر الأنواع التي عددناه من السحر فلا شك أنه ليس بكفر.
فان قيل: إن اليهود لما أضافوا السحر إلى سليمان، قال الله تعالى تنزيها عنه " وما كفر سليمان " وهذا يدل على أن السحر على الاطلاق كفر، وأيضا قال:
" ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر " وهذا أيضا يقتضي أن يكون السحر على الاطلاق كفرا. وحكى عن الملكين أنهما لا يعلمان أحدا السحر حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر، وهو يدل على أن السحر كفر على الاطلاق.
قلنا: حكاية الحال يكفي في صدقها صورة واحدة فنحملها على سحر من يعتقد إلهية النجوم.
ثم قال بعد إيراد المسألة الرابعة عشر (2) في حكم قتل الساحر: فهذا هو