ابن جريح. وقيل: على عهد ملك سليمان، والأقرب أن يكون المراد: واتبعوا ما تتلوا الشياطين افتراء على ملك سليمان، لأنهم كانوا يقرؤون من كتب السحر فيقولون: إن سليمان إنما وجد ذلك الملك بسبب هذا العلم، فكانت تلاوتهم لتلك الكتب كالافتراء على ملك سليمان - والله أعلم -.
المسألة الخامسة: اختلفوا في المراد بملك سليمان، فقال القاضي: إن ملك سليمان هو النبوة، أو يدخل فيها النبوة، وتحت النبوة الكتاب المنزل عليه والشريعة، فإذا صح ذلك ثم أخرج القوم صحيفة فيها ضروب السحر وقد دفنوها تحت سرير ملكه ثم أخرجوها بعد موته وأوهموا أنها من جهته صار ذلك منهم تقولا على ملكه في الحقيقة. والأصح عندي أن يقال: القوم لما ادعوا أن سليمان إنما وجد تلك المملكة بسبب ذلك العلم كان ذلك الادعاء كالافتراء على ملك سليمان - والله أعلم -. المسألة السادسة: السبب في أنهم أضافوا السحر إلى سليمان وجوه:
أحدها أنهم أضافوا السحر إلى سليمان تفخيما لشأنه، وتعظيما لأمره، وترغيبا للقوم في قبول ذلك منهم. وثانيها أن اليهود ما كانوا يقرون بنبوة سليمان، بل كانوا يقولون إنما وجد ذلك الملك بسبب السحر. وثالثها: أن الله تعالى لما سخر الجن لسليمان فكان يخالطهم ويستفيد منهم أسرارا عجيبة. فغلب على الظنون أنه عليه السلام استفاد السحر منهم. أما قوله تعالى " وما كفر سليمان " فهذا تنزيه له عليه السلام عن الكفر، وذلك يدل على أن القوم نسبوه إلى الكفر والسحر. وقيل فيه أشياء أحدها ما روي عن بعض أحبار اليهود أنهم قالوا: ألا تعجبون من محمد يزعم أن سليمان كان نبيا وما كان إلا ساحرا؟! فأنزل الله هذه الآية. وثانيها أن السحرة من اليهود، زعموا أنهم أخذوا السحر عن سليمان، فنزهه الله منه. وثالثها أن قوما زعموا أن قوام ملكه كان بالسحر فبرأه الله منه، لأن كونه نبيا ينافي كونه ساحرا كافرا، ثم بين تعالى أن الذي برأه منه لاحق بغيره، فقال: ولكن الشياطين كفروا، يشير به إلى ما تقدم ذكره ممن اتخذ السحر كالحرفة لنفسه وينسبه إلى