السماء أنه أتى به عن نجود الأرض والبلاد وأعاليهما، فإن من هبط من نجد من البلاد إلى غورها يقال نزل وهبط وما جرى هذا المجرى.
فأما قوله تعالى " وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله " فيحتمل وجوها:
منها: أن يريد تعالى بالاذن العلم من قولهم " أذنت فلانا بكذا وكذا " إذا أعلمته و " أذنت بكذا وكذا " إذا أسمعته وعلمته، وقال الشاعر:
في سماع يأذن الشيخ له * وحديث مثل ماذي مشار ومنها: أن يكون " إلا " زائدة، ويكون المعنى: وما هم بضارين به من أحد إلا بأن يخلي الله تعالى بينهم وبينه، ولو شاء لمنعهم بالقهر والقسر زائدا على منعهم بالنهي والزجر.
ومنها: أن يكون الضرر الذي عنى به أنه لا يكون إلا بإذنه، وأضافه إليه ما [هو] يلحق المسحور عن الأدوية والأغذية التي أطعمه إياه السحرة، ويدعون أنها موجبة لما يقصدونه فيه من الأمور، ومعلوم أن الضرر الحاصل عن ذلك من فعل الله تعالى بالعادة، لان الأغذية لا توجب ضررا ولا نفعا، وإن كان المعرض للضرر من حيث كان كالفاعل له هو المستحق للذم، وعليه يجب العوض.
ومنها: أن يكون الضرر المذكور إنما هو ما يحصل من التفريق بين الأزواج لأنه أقرب إليه في ترتيب الكلام، والمعنى أنهم إذا أغروا أحد الزوجين فكفر فبانت منه زوجته فاستضر بذلك كانوا ضارين له بما حسنوا له من الكفر، إلا أن الفرقة لم تكن إلا بإذن الله وحكمه، لأنه تعالى هو الذي حكم وأمر بالتفريق بين المختلفتين الأديان، فلهذا قوله تعالى " وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله " والمعنى أنه لولا حكم الله تعالى وإذنه في الفرقة بين هذين الزوجين باختلاف الملة لم يكونوا بضارين له هذا الضرر من الضرر الحاصل عند الفرقة، ويقوي هذا الوجه ما روي أنه كان من دين سليمان أنه من سحر بانت منه امرأته.
وأما قوله تعالى " ولقد علموا لمن اشتريه ماله في الآخرة من خلاق " ثم قوله تعالى " لو كانوا يعلمون " ففيه وجوه: أولها: أن يكون الذين علموا غير الذين