سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون) والمناسب هنا عرش التقدس والتنزه عن الأشباه والأمثال والأولاد، فالعرش في كل مقام يراد به معنى يعلمه الراسخون في العلم. ثم إنه ظاهر الكلام يوهم أن الظرف في قوله (عما يصفون) متعلق بالعرش وهو بعيد، بل الظاهر تعلقه بسبحان، وعلى ما قررنا عرفت أنه لا حاجة إلى ارتكاب ذلك، ويدل الخبر على أن خطاب (وما أوتيتم) متوجه إلى السائلين عن الروح وأضرابهم لا إلى النبي صلى الله عليه وآله قوله عليه السلام (من ظاهر علمه) إنما خص بالظاهر لان باطن علمه لا يطيقه سائر الخلق سوى أوصيائه عليهم السلام.
واعلم أن هذا الخبر من المتشابهات، وغوامض المخبيات، والظاهر أنه وقع من الرواة والنساخ لعدم فهمهم معناه تصحيفات وتحريفات أيضا، فلذا أجملت الكلام فيه، وما ذكرته إنما هو على سبيل الاحتمال، والله يعلم وحججه حقائق كلامهم عليهم السلام.
52 - العياشي: عن الأصبغ، قال: سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن قول الله (وسع كرسيه السماوات والأرض) فقال: إن السماء (1) والأرض وما فيهما من خلق مخلوق في جوف الكرسي، وله أربعة أملاك يحملونه بإذن الله.
53 - تفسير العسكري: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله لما خلق العرش خلق له ثلاثمائة وستين ألف ركن، وخلق عند كل ركن ثلاثمائة وستين ألف ملك، لو أذن الله تعالى لأصغرهم فالتقم السماوات السبع والأرضين السبع ما كان ذلك بين لهواته إلا كالرملة في المفازة الفضفاضة! فقال لهم الله: يا عبادي احتملوا عرشي هذا، فتعاطوه فلم يطيقوا حمله ولا تحريكه، فخلق الله عز وجل مع كل واحد منهم واحدا فلم يقدروا أن يزعزعوه، فخلق الله مع كل واحد منهم عشرة فلم يقدروا أن يحركوه، فخلق الله بعدد كل واحد منهم مثل جماعتهم فلم يقدروا أن يحركوه، فقال الله عز وجل لجميعهم: خلوه علي امسكه بقدرتي، فخلوه فأمسكه الله عز وجل بقدرته، ثم قال لثمانية منهم: احملوه أنتم. فقالوا: يا ربنا