الوجه لا يجري فيها إلا بتكلف كثير، والظاهر أن المراد بالطيرة فيها انفعال النفس عما يتشأم به، أو تأثيرها واقعا وحصول مقتضاها، والأول في المعصومين عليهم السلام أظهر، بأن يخطر ببالهم الشريفة ثم يدفعوا أثرها بالتوكل، وهذا لا ينافي العصمة وأما الحسد فظاهرها أن الحسد المركوز في الخاطر إذا لم يظهره الانسان لم يكن معصية ولا استبعاد فيه، فإنه في أكثر الخلق ليس باختياري، ويمكن أن يراد به ما يعم الغبطة ويكون هذه هي الحاصلة فيهم، وأما التفكر في الوسوسة في الخلق فيحتمل وجهين: الأول أن يراد به التفكر فبما يحصل في نفس الانسان في خالق الأشياء وكيفية خلقها، ومنها ربط الحادث بالقديم، وخلق أعمال العباد ومسألة القضاء والقدر، والتفكر في الحكمة في خلق بعض الشرور في العالم، كل ذلك من غير استقرار في النفس وحصول شك بسببها، كما روى الكليني بإسناده عن محمد بن حمران قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الوسوسة (1) فقال: لا شئ فيها تقول: لا إله إلا الله (2). وبإسناده عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
قلت له: إنه يقع في قلبي أمر عظيم! فقال: قل: لا إله إلا الله، فقال جميل: فكلما وقع في قلبي شئ قلت لا إله إلا اله فذهب عني (3) وبإسناده عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله هلكت!
فقال له: أتاك الخبيث فقال لك: من خلقك؟ فقلت: الله، فقال لك: الله من خلقه؟ فقال: إي والذي بعثك بالحق لكان كذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ذاك والله محض الايمان. قال ابن أبي عمير: فحدثت بذلك عبد الرحمن بن الحجاج فقال:
حدثني (4) أبو عبد الله عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله إنما عنى بقوله (هذا والله محض الايمان) خوفه أن يكون قد هلك حيث عرض له ذلك في قلبه (5) وقد روت العامة